رئيسة وزراء إيطاليا في مواجهة اتهامات بالتورط في الإبادة الجماعية بغزة
تواجه رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، وأعضاء بارزون في حكومتها، اتهامات قانونية خطيرة تتعلق بالتواطؤ في جرائم حرب وإبادة جماعية مزعومة في قطاع غزة. في تطور لافت خلال الأشهر الأخيرة، تم تقديم شكوى جنائية رسمية أمام مكتب المدعي العام في روما، مما يضع السياسة الخارجية الإيطالية ودعمها لإسرائيل تحت المجهر القانوني والشعبي.

خلفية الاتهامات والتطورات الرئيسية
تستند الدعوى، التي قدمتها منظمات حقوقية ونشطاء مؤيدون للفلسطينيين في إيطاليا، إلى أن الحكومة الإيطالية قدمت دعماً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً لإسرائيل قد يكون ساهم في العمليات العسكرية في غزة. يزعم مقدمو الشكوى أن هذا الدعم يجعل المسؤولين الإيطاليين متواطئين في الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي الإنساني التي ارتكبت خلال النزاع الذي بدأ في أكتوبر 2023.
تركز الاتهامات بشكل خاص على استمرار شحنات الأسلحة والمعدات العسكرية من إيطاليا إلى إسرائيل. ورغم أن الحكومة الإيطالية أعلنت عن تعليق إصدار تراخيص جديدة لتصدير الأسلحة بعد اندلاع الحرب، يشير النقاد إلى أن الشحنات المستندة إلى عقود سابقة قد استمرت، مما يثير تساؤلات حول فعالية هذا الإجراء ومدى التزام إيطاليا بواجباتها القانونية الدولية التي تمنع تصدير السلاح إلى مناطق النزاع حيث يمكن استخدامه لارتكاب جرائم حرب.
السياق القانوني والدولي
تأتي هذه الشكوى في سياق أوسع من الضغوط القانونية الدولية على إسرائيل وحلفائها. وتستمد الدعوى جزءاً من زخمها من القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية (ICJ)، والتي اتهمت فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية. وقد أصدرت المحكمة تدابير مؤقتة تأمر إسرائيل باتخاذ خطوات لمنع أعمال الإبادة الجماعية، وهو ما شجع النشطاء في دول مختلفة على مساءلة حكوماتهم بشأن دعمها لإسرائيل.
يعتبر هذا التحرك في روما جزءاً من استراتيجية قانونية عالمية تهدف إلى استخدام المحاكم الوطنية لمحاسبة المسؤولين الحكوميين في الدول الغربية على سياساتهم الخارجية. وتستند هذه القضايا إلى مبدأ الالتزام العالمي بمنع جريمة الإبادة الجماعية، والذي لا يقتصر على الدول المشاركة مباشرة في النزاع بل يشمل أيضاً الدول التي قد تساعد أو تحرض على ارتكابها.
الموقف الإيطالي وردود الفعل
حتى الآن، لم يصدر تعليق رسمي مفصل من مكتب رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني على هذه الاتهامات المحددة. ومع ذلك، فإن الموقف العام للحكومة الإيطالية كان يميل إلى دعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، مع الدعوة في الوقت نفسه إلى حماية المدنيين في غزة وزيادة المساعدات الإنسانية. وتحاول إيطاليا، كغيرها من الدول الأوروبية، الموازنة بين تحالفاتها التقليدية والضغوط المتزايدة من الرأي العام والمجتمع المدني.
داخلياً، أثارت هذه القضية جدلاً سياسياً، حيث استغلت أحزاب المعارضة هذه الاتهامات لانتقاد سياسة الحكومة تجاه النزاع، والمطالبة بمزيد من الشفافية حول العلاقات العسكرية مع إسرائيل ووقف كامل وفوري لجميع أشكال التعاون العسكري.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكمن أهمية هذه القضية في أنها تمثل تحدياً قانونياً مباشراً لسياسة حكومة دولة عضو في مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي. وحتى لو لم تؤدِ الشكوى إلى إدانة جنائية، وهو مسار قانوني طويل ومعقد، فإنها تنجح في زيادة الضغط السياسي على حكومة ميلوني وتجبرها على تبرير قراراتها أمام الرأي العام. كما أنها تسلط الضوء على دور إيطاليا كأحد الموردين الرئيسيين للمعدات العسكرية لإسرائيل، وهو أمر لم يكن معروفاً على نطاق واسع في السابق. ومن المرجح أن تؤدي هذه القضية إلى تدقيق برلماني وقضائي أعمق في سياسات تصدير الأسلحة الإيطالية وتوافقها مع القانون الوطني والدولي.





