شهدت الساحة الفنية المصرية مؤخرًا رحيل الفنان القدير سمير ربيع، الذي وافته المنية في منتصف شهر يناير 2024. ترك ربيع خلفه إرثًا فنيًا غنيًا يمتد لعقود، تميز خلالها بأداء الأدوار الثانوية ببراعة، مما جعله جزءًا لا يتجزأ من العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية الخالدة. اشتهر الفقيد بعلاقاته المهنية الوطيدة مع كبار نجوم الفن المصري، من بينهم الزعيم عادل إمام والفنان القدير يحيى الفخراني والنجم الراحل نور الشريف، الذين شاركهم الشاشة في محطات بارزة من مسيرته.
مسيرة فنية غنية بالأدوار المساعدة
بدأ الفنان سمير ربيع رحلته في عالم التمثيل منذ سنوات طويلة، متقنًا فن تجسيد الشخصيات الثانوية التي غالبًا ما تكون محورية في سياق العمل الفني. لم يكن يبحث عن أدوار البطولة المطلقة، بل كان يفضل أن يكون عنصرًا أساسيًا يضيف عمقًا ومصداقية للشخصيات المحيطة بالأبطال. هذه النظرة الفنية سمحت له بالمشاركة في عدد هائل من الأعمال التي أثرت المشهد الفني المصري، من الأفلام السينمائية التي لا تُنسى إلى المسلسلات التلفزيونية التي حفرت مكانتها في وجدان المشاهد العربي.
تعاونات بارزة مع عمالقة الفن
تُعد قائمة الفنانين الذين شاركهم سمير ربيع الشاشة بمثابة شهادة على موهبته وتنوع أدائه. فقد حظي بفرصة العمل مع قامات فنية نادرة، تاركًا بصمة مميزة في كل عمل:
- مع الزعيم عادل إمام: شارك سمير ربيع في العديد من أعمال الزعيم، التي حققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا. من أبرز هذه الأعمال مسرحية «الواد سيد الشغال» التي شهدت تألقه في دور ثانوي مؤثر، وفيلم «شمس الزناتي» الذي يعد من كلاسيكيات السينما المصرية، وفيلم «الإرهاب والكباب»، حيث أظهر قدرة فريدة على التكيف مع مختلف الأجواء الكوميدية والدرامية التي تميز أعمال عادل إمام.
- مع الفنان يحيى الفخراني: امتدت مسيرة ربيع لتشمل تعاونات مثمرة مع الفنان القدير يحيى الفخراني. من أبرز الأعمال التي جمعتهما مسلسل «ليالي الحلمية»، الذي يُعتبر من أيقونات الدراما المصرية والعربية على الإطلاق، حيث شارك في بعض أجزائه، بالإضافة إلى مسلسل «نصف ربيع الآخر». كانت أدواره مع الفخراني تتميز بالواقعية والعمق، مما يعكس الانسجام الفني بينهما.
- مع النجم الراحل نور الشريف: كانت له أيضًا بصمات واضحة في أعمال النجم الكبير نور الشريف. فقد شارك في مسلسلات حققت نجاحًا واسعًا مثل «لن أعيش في جلباب أبي»، الذي أصبح جزءًا من الذاكرة الجماعية للمشاهدين، و «العطار والسبع بنات». أدواره مع نور الشريف أظهرت جانباً آخر من قدراته التمثيلية، حيث كان يجسد شخصيات تلامس الواقع المصري بكل تفاصيله.
لماذا يهم خبر رحيله؟
رحيل فنان بقيمة سمير ربيع يمثل خسارة للساحة الفنية، ليس فقط لأنه فقد ممثلًا قديرًا، بل لأنه كان يمثل جيلًا من الفنانين الذين بنوا جسورًا بين الأجيال الفنية المختلفة. كان يتمتع بالقدرة على إضفاء المصداقية والعمق على أي شخصية تُسند إليه، مهما كانت صغيرة. كان جزءًا لا يتجزأ من النسيج الفني الذي شكّل وعي المشاهد العربي، وقدم دروسًا صامتة في الالتزام المهني والتفاني في العمل.
كان سمير ربيع يُعرف ببراعته في تجسيد شخصيات الرجل البسيط، أو الموظف، أو القروي، أو حتى الأدوار التي تحمل طابع الشر الخفيف، مقدمًا لكل منها روحًا خاصة تجعلها عالقة في الأذهان. كانت إسهاماته ضرورية لإكمال الصورة الدرامية، وغالبًا ما كانت مشاهده تترك انطباعًا قويًا رغم قصرها.
الإرث والتأثير
يظل إرث الفنان سمير ربيع حاضرًا من خلال عشرات الأعمال التي شارك فيها. اسمه قد لا يكون من بين الأسماء اللامعة في لوحة الشرف الأولى، لكن حضوره كان ضروريًا ومؤثرًا في مسار هذه الأعمال. لقد كان مثالاً للفنان الملتزم الذي يرى في كل دور، مهما كان حجمه، فرصة للإبداع وتقديم الأفضل. يُعد رحيله تذكيرًا بقيمة هؤلاء الفنانين الذين يثرون المشهد الفني بصمت وإتقان، ويتركون خلفهم بصمات لا تُمحى في ذاكرة السينما والدراما العربية.





