سميرة أحمد تستذكر: صداقة محترمة جمعتني بعبد الحليم وفريد، وشادية حرصت على تهنئتي
في تصريحات إعلامية أدلت بها مؤخراً، ألقت الفنانة الكبيرة سميرة أحمد الضوء على جوانب خفية من علاقاتها الشخصية والمهنية مع عمالقة الفن في عصرها الذهبي. كشفت النجمة المصرية عن طبيعة الصداقات التي جمعتها بالمطربين الراحلين عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش، واصفة إياها بالصداقات المبنية على الاحترام المتبادل والتقدير الفني العميق. كما تطرقت في حديثها إلى العلاقة الودية التي كانت تربطها بالفنانة الراحلة شادية، مؤكدة أن الأخيرة كانت حريصة دائمًا على الاتصال بها لتقديم التهنئة في المناسبات المختلفة، مما يعكس مدى عمق الروابط الإنسانية التي سادت الوسط الفني آنذاك.

خلفية فنية وعلاقات مهنية عابرة للأجيال
تُعد سميرة أحمد، المولودة في عام 1935، إحدى أبرز نجمات السينما المصرية في العقود الماضية، حيث أثرت الشاشة الفضية بعشرات الأعمال الخالدة التي تنوعت بين الدراما والكوميديا والأعمال التاريخية. بدأ مشوارها الفني في أربعينيات القرن الماضي، لتشهد بنفسها وتكون جزءًا فاعلاً من نهضة الفن المصري، وتتفاعل مع أجيال مختلفة من الفنانين. هذه التجربة الطويلة منحتها منظورًا فريدًا حول كواليس العلاقات الفنية التي غالبًا ما تُحاط بالغموض أو تقتصر على الانطباعات العامة.
وفي سياق حديثها عن عمالقة الغناء، أوضحت سميرة أحمد أن علاقتها بـعبد الحليم حافظ، العندليب الأسمر الذي رحل عام 1977، كانت تتجاوز مجرد الزمالة الفنية. فبالرغم من عدم وجود تعاون سينمائي مباشر كبير بينهما، إلا أن الاحترام المتبادل كان السمة الأساسية لتلك العلاقة. وأشارت إلى اللقاءات العديدة في المناسبات الاجتماعية والفنية، حيث كان الحديث يدور حول الفن وتحدياته وآماله، مما أرسى دعائم صداقة قائمة على التقدير العميق لموهبة كل منهما ومسيرته الفنية الحافلة.
أما بالنسبة لـفريد الأطرش، الموسيقار والمطرب الذي لقب بملك العود والذي وافته المنية عام 1975، فقد أكدت الفنانة القديرة أن علاقتها به كانت مماثلة في طبيعتها، مبنية على الاحترام الكبير لمكانته الفنية وقدرته الاستثنائية على الإبداع. تحدثت سميرة أحمد عن مدى تأثرها بفنه، وأشادت بشخصيته الراقية. هذه التصريحات تفتح نافذة على جانب إنساني لهذه الشخصيات الأسطورية، بعيداً عن الأضواء والبطولات، وتُظهر كيف كانت هذه العلاقات تُبنى على أسس متينة من التقدير المهني والشخصي في فترة اتسمت بغزارة الإنتاج الفني وتوهج النجومية.
وفاء الصداقة: محبة شادية ودعمها المتواصل
من اللفتات المميزة التي كشفت عنها سميرة أحمد كانت علاقتها بالفنانة الكبيرة شادية، "دلوعة الشاشة" وصوت مصر الذهبي التي رحلت عام 2017. ذكرت أحمد أن شادية كانت من الفنانات القلائل اللاتي كن يحرصن على التواصل معها بانتظام لتقديم التهنئة في أي مناسبة سعيدة، سواء كانت نجاح عمل فني، عيد ميلاد، أو أي حدث شخصي. هذه اللفتة تعكس ليس فقط عمق الصداقة بينهما، بل وتبرز الجانب الوفي والإنساني في شخصية شادية، التي كانت معروفة بتواضعها وطيبتها رغم نجوميتها الطاغية. هذا السلوك ينسف الصورة النمطية السائدة أحيانًا عن التنافس الشديد بين النجمات، ليقدم بدلاً من ذلك نموذجًا للعلاقات القائمة على الدعم المتبادل والمحبة الصادقة التي كانت جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والفني في تلك الحقبة.
أهمية هذه الذكريات للفن والتاريخ
تكتسب هذه التصريحات أهمية بالغة لأنها تقدم رؤى فريدة من نوعها عن العلاقات الإنسانية خلف كواليس صناعة الفن في مصر خلال العصر الذهبي. فغالبًا ما يتم التركيز على الأعمال الفنية والشخصيات العامة للنجوم، بينما تظل جوانبهم الإنسانية وعلاقاتهم الشخصية محجوبة عن الجمهور. إن شهادة سميرة أحمد، وهي شخصية عاصرت هؤلاء العمالقة وعملت معهم وتفاعلت معهم على الصعيدين المهني والشخصي، تُعد مصدرًا موثوقًا لتاريخ الفن الشفهي. هذه الذكريات تساعد في بناء صورة أكثر اكتمالاً وواقعية عن شخصيات أثرت الوجدان العربي، وتساهم في تفكيك بعض الأساطير أو المفاهيم الخاطئة التي قد تكون تكونت حولهم بمرور الزمن.
كما أنها تؤكد على أن الفن لم يكن مجرد صناعة أو منافسة، بل كان مجتمعًا يضم أفرادًا تجمعهم صداقات عميقة وروابط إنسانية تتجاوز بريق الشهرة والأضواء. هذه الشهادات تُعزز فهمنا لكيفية عمل هذا الوسط الفني، وكيف كانت الأخلاق المهنية والتقدير المتبادل ركيزة أساسية فيه، مما يترك إرثًا ثقافيًا لا يقدر بثمن للأجيال القادمة.
السياق الزمني للتصريحات
أدلت الفنانة سميرة أحمد بهذه التصريحات خلال مقابلة أجرتها معها إحدى القنوات الفضائية المصرية في الأيام القليلة الماضية، وتحديداً في 15 مايو 2024. تأتي هذه التصريحات في إطار استعراضها لمسيرتها الفنية الطويلة ومحطاتها البارزة، وكذلك في سياق الحديث عن زملائها وأصدقائها الذين شاركوها رحلتها الفنية. يعكس هذا التوقيت استمرار اهتمام الجمهور بشخصيات العصر الذهبي للفن، ورغبة وسائل الإعلام في استضافة رموز تلك الفترة لتقديم شهاداتهم حول مرحلة محورية في تاريخ الفن العربي.





