صراع السلطة في نيويورك: كيف قد يعرقل ترامب خطط العمدة المنتخب زهران ممداني؟
بعد فوزه في انتخابات رئاسة بلدية نيويورك، لم يكد العمدة المُنتخب، زهران ممداني، يحتفل بانتصاره حتى بدأت تلوح في الأفق معركة سياسية وقانونية كبرى مع الإدارة الأمريكية. يمثل فوز ممداني، الذي بنى حملته على أجندة تقدمية جريئة، تحديًا مباشرًا للسياسات التي يتبناها الرئيس دونالد ترامب، مما ينذر بمواجهة حتمية بين أكبر مدن الولايات المتحدة والحكومة الفيدرالية.

خلفية الصراع السياسي
برز زهران ممداني كشخصية سياسية صاعدة، معتمدًا على برنامج انتخابي يركز على قضايا العدالة الاجتماعية، وإصلاح الشرطة، وحماية المهاجرين، والتصدي لتغير المناخ. وتتعارض هذه الأجندة بشكل مباشر مع توجهات إدارة ترامب، التي تتبنى نهجًا محافظًا في معظم هذه الملفات. يرى المراقبون أن نيويورك، بقيادة ممداني، قد تصبح مركزًا للمقاومة السياسية ضد سياسات البيت الأبيض، مما يضع المدينة في مسار تصادمي مع واشنطن.
نقاط الخلاف الرئيسية
تتركز المواجهة المحتملة حول عدة ملفات أساسية تشكل جوهر برنامج ممداني الانتخابي، والتي تعتبرها الإدارة الفيدرالية تحديًا لسلطتها. من أبرز هذه النقاط:
- ملف الهجرة: تعهد ممداني بجعل نيويورك "مدينة ملاذ آمن معززة"، مما يعني رفض أي شكل من أشكال التعاون بين شرطة المدينة ووكالات الهجرة الفيدرالية مثل (ICE). هذا الموقف يتعارض بشكل صارخ مع سياسات ترامب المشددة تجاه الهجرة غير الشرعية.
- السياسات البيئية: يخطط العمدة المنتخب لتطبيق نسخة محلية من "الصفقة الخضراء الجديدة"، تتضمن فرض قيود صارمة على الانبعاثات من المباني والمركبات. ويأتي هذا في وقت تعمل فيه الإدارة الفيدرالية على تخفيف اللوائح البيئية لدعم قطاعات الطاقة التقليدية.
- إصلاح الشرطة: من أبرز وعود ممداني إعادة هيكلة ميزانية شرطة نيويورك وتحويل جزء كبير منها لدعم الخدمات الاجتماعية والصحة النفسية، وهو ما يصفه الرئيس ترامب بأنه نهج "متساهل مع الجريمة" ويهدد بتقويض الأمن.
- السياسة الضريبية: تشمل أجندة ممداني مقترحات لفرض ضرائب إضافية على أثرياء المدينة لتمويل برامجه الاجتماعية، وهي خطوة من المرجح أن تواجه معارضة شرسة من الحلفاء السياسيين للرئيس في قطاع الأعمال والمال.
الأدوات الفيدرالية المحتملة للعرقلة
تمتلك الإدارة الفيدرالية تحت قيادة الرئيس ترامب مجموعة من الأدوات التي يمكن استخدامها للضغط على مدينة نيويورك وعرقلة تنفيذ أجندة عمدتها الجديد. وفقًا لخبراء قانونيين، قد تلجأ واشنطن إلى عدة استراتيجيات للحد من استقلالية المدينة، منها:
- حجب التمويل الفيدرالي: التهديد بقطع أو تقليص الأموال الفيدرالية المخصصة لمشاريع حيوية في نيويورك، مثل النقل العام، والإسكان، ودعم أجهزة إنفاذ القانون، كوسيلة للضغط على المدينة للتراجع عن سياساتها.
- التحديات القانونية: يمكن لوزارة العدل الأمريكية رفع دعاوى قضائية ضد مدينة نيويورك، بحجة أن سياساتها، خاصة فيما يتعلق بالهجرة، تنتهك القانون الفيدرالي وتقوض الأمن القومي.
- الأوامر التنفيذية: قد يصدر الرئيس أوامر تنفيذية تهدف إلى تجاوز السياسات المحلية، أو فرض متطلبات جديدة على المدن التي ترفض التعاون مع السلطات الفيدرالية.
- الضغط السياسي والإعلامي: استخدام الخطاب الإعلامي لتصوير نيويورك على أنها مدينة "خارجة عن السيطرة" تحت قيادة ممداني، بهدف حشد الرأي العام ضد إدارته وتقويض شرعيته السياسية.
ردود الفعل والتوقعات
في الساعات التي تلت إعلان فوزه، أكد ممداني في خطابه أنه لن يتراجع عن وعوده الانتخابية، مشيرًا إلى أن "إرادة سكان نيويورك ستسود". في المقابل، صدرت إشارات من البيت الأبيض بأن الإدارة "تراقب الوضع عن كثب" ولن تسمح بتقويض القوانين الفيدرالية. يتوقع المحللون أن تشهد الفترة المقبلة سلسلة من المناورات السياسية والمعارك القضائية التي ستختبر حدود السلطة بين المستوى المحلي والفيدرالي في النظام السياسي الأمريكي، وقد ترسم ملامح العلاقة بين المدن الكبرى والحكومة المركزية لسنوات قادمة.




