فضل شاكر يواجه القضاء في بيروت: جلسة محاكمة تحت حراسة مشددة
شهد قصر العدل في العاصمة اللبنانية بيروت صباح اليوم، الأربعاء الموافق 22 أكتوبر/تشرين الأول 2025، حدثاً قضائياً بارزاً تمثل في مثول الفنان اللبناني السابق فضل شاكر (المعروف أيضاً باسم فضل شمندر) أمام رئيس محكمة الجنايات، القاضي بلال الضناوي. جاءت هذه الجلسة التمهيدية لاستجواب شاكر ضمن إجراءات أمنية صارمة وتغطية إعلامية مكثفة، مما يسلط الضوء مجدداً على ملف قضائي معقد ومثير للجدل يلاحقه منذ أكثر من عقد.

خلفية القضية: من النجومية إلى دائرة الاتهام
يمثل ظهور فضل شاكر أمام القضاء اللبناني فصلاً جديداً في قصة تحول دراماتيكي من نجم غنائي لامع إلى شخصية مطلوبة للعدالة بتهم خطيرة. اكتسب شاكر، واسمه الحقيقي فضل عبد الرحمن شمندر، شهرة واسعة في العالم العربي كواحد من أبرز فناني الرومانسية والأغنية الطربية. إلا أن مسيرته الفنية أخذت منعطفاً حاداً وغير متوقع في عام 2013 عندما ظهر علناً إلى جانب رجل الدين المتشدد الشيخ أحمد الأسير في صيدا جنوب لبنان.
تورط فضل شاكر في أحداث عبرا الشهيرة في مدينة صيدا، التي شهدت اشتباكات عنيفة بين أنصار الأسير والجيش اللبناني، مما أسفر عن سقوط عدد من الشهداء من عناصر الجيش. وجهت إليه السلطات اللبنانية على إثر ذلك تهماً جسيمة شملت الانتماء إلى جماعة مسلحة، وتمويل أعمال إرهابية، والتحريض على قتال الجيش اللبناني، والمشاركة في أعمال إرهابية أدت إلى استشهاد عسكريين. وقد أُصدرت بحقه عدة أحكام غيابية بالسجن، وصلت في بعضها إلى المؤبد مع الأشغال الشاقة، بالإضافة إلى أحكام أخرى تتراوح بين 15 و 20 عاماً في قضايا مختلفة، أبرزها قضية "أحداث عبرا" وقضية "تشكيل مجموعة مسلحة لعرقلة السير".
ظل فضل شاكر متوارياً عن الأنظار لسنوات، يقيم في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، الذي يتمتع بوضع خاص يمنع دخول الجيش اللبناني إليه. وخلال هذه الفترة، تواترت أنباء عن محاولاته المتكررة لتسليم نفسه للسلطات، مقابل شروط معينة، أو إيجاد تسوية لملفه القضائي، إلا أن هذه المحاولات لم تسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن، واستمرت السلطات في ملاحقته قضائياً.
تفاصيل الجلسة التمهيدية والإجراءات الأمنية
شهد قصر العدل ببيروت استعدادات أمنية غير مسبوقة تزامناً مع وصول فضل شاكر صباح اليوم. أقيمت حواجز أمنية متعددة حول المبنى، وتم نشر أعداد كبيرة من عناصر قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني لتأمين المنطقة بالكامل، مما يعكس حساسية القضية وأهمية مثول المتهم. وُضعت خطة أمنية مشددة لمنع أي تجمعات أو محاولات للتأثير على سير العدالة، وضمان سلامة القاضي والحضور.
تركزت الجلسة التمهيدية، التي رأسها القاضي بلال الضناوي، على استجواب المتهم في التهم الموجهة إليه. وبحسب مصادر مقربة من التحقيق، فإن الجلسة هي خطوة إجرائية لتوثيق إفادات فضل شاكر رسمياً بحضور محاميه، بعد سنوات من المحاكمة الغيابية. من المتوقع أن ينكر شاكر التهم الموجهة إليه أو أن يقدم روايته للأحداث التي أدت إلى تورطه في قضية الشيخ الأسير، محاولاً تبرئة نفسه أو تخفيف الأحكام الصادرة بحقه. وقد أفادت تقارير إعلامية بأن شاكر بدا هادئاً نسبياً خلال الجلسة، وأن محاميه قدم دفوعاً أولية.
حضرت الجلسة أيضاً تغطية إعلامية واسعة، حيث توافدت وسائل الإعلام المحلية والدولية لمتابعة هذا التطور اللافت. ومع ذلك، لم يُسمح إلا لعدد محدود من الصحفيين بالدخول إلى قاعة المحكمة، وظلت التفاصيل الأولية للجلسة تحت كنف السرية القضائية، بانتظار صدور بيانات رسمية أو تسريبات موثوقة.
الأهمية القانونية والاجتماعية للقضية
يحمل مثول فضل شاكر أمام محكمة الجنايات في بيروت أهمية بالغة على عدة مستويات:
- تأكيد سيادة القانون: يمثل هذا المثول انتصاراً لسيادة القانون في لبنان، ويؤكد أن العدالة ستطال كل من يرتكب جرائم، بغض النظر عن شهرته أو مكانته السابقة. فبعد سنوات من التهرب، يُنظر إلى مثوله كإشارة إلى جدية المؤسسات القضائية في متابعة القضايا الشائكة.
 - إغلاق ملف أمني معقد: تتعلق القضية بأحداث أمنية خطيرة هزت استقرار البلاد، وكان فضل شاكر جزءاً محورياً فيها. مع تقدم الإجراءات القضائية، قد تُغلق فصول هذا الملف الأمني الذي كان يثير قلقاً وطنياً.
 - رسالة للعدالة: تُعد المحاكمة رسالة واضحة لكل من يفكر في دعم أو الانخراط في أنشطة مسلحة أو إرهابية ضد الدولة ومؤسساتها الأمنية.
 - تأثير على الرأي العام: لطالما شغلت قضية فضل شاكر الرأي العام اللبناني والعربي، نظراً لشهرته الواسعة وتحوله الجذري. متابعة هذه المحاكمة ستكون محط اهتمام واسع وستعيد فتح النقاش حول قضايا التحول الفكري والتطرف.
 
ما بعد الجلسة: التوقعات والخطوات المقبلة
الجلسة التمهيدية التي عقدت اليوم هي مجرد بداية لسلسلة من الإجراءات القضائية المتوقعة. من المرجح أن تتبعها جلسات استجواب إضافية، وجلسات للمرافعة وتقديم الأدلة من قبل النيابة العامة والدفاع. قد تستغرق المحاكمة وقتاً طويلاً نظراً لتعقيدات الملف وكثرة التهم الموجهة إلى فضل شاكر.
يبقى السؤال الأهم حول ما إذا كان مثول فضل شاكر اليوم يمهد لتسوية قضائية أو يفتح الباب أمام محاكمة عادلة تُصدر أحكاماً جديدة، تلغي أو تعدّل الأحكام الغيابية السابقة. تتطلع الأوساط القضائية والإعلامية لمعرفة المسار الذي ستتخذه هذه القضية المحورية في الأيام والأسابيع القادمة.





