فن السدو الكويتي: إبراز التراث الثقافي في إكسبو أوساكا 2025
تستعد دولة الكويت لإبراز جانب عريق من تراثها الثقافي غير المادي من خلال مشاركتها المرتقبة في معرض إكسبو أوساكا 2025 باليابان. وفي قلب هذه المشاركة يكمن فن «السدو» الأصيل، الذي ستقدم جمعية السدو الحرفية عرضاً حياً له ضمن جناح الدولة، بهدف تعريف الجمهور العالمي بهذا الموروث الحرفي الفريد. هذه المبادرة لا تهدف فقط إلى تسليط الضوء على فن السدو كحرفة يدوية، بل أيضاً كرمز حي لتاريخ الكويت وهويتها الثقافية الغنية، لا سيما بعد تسجيله ضمن قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتراث الإنساني.

خلفية عن فن السدو
فن السدو هو شكل تقليدي من أشكال النسيج البدوي، متجذر بعمق في تاريخ شبه الجزيرة العربية ومرتبط ارتباطاً وثيقاً بأسلوب حياة البدو الرحّل. يعتمد هذا الفن على استخدام خيوط الصوف المغزولة يدوياً من الأغنام وشعر الماعز، وأحياناً وبر الإبل، لإنتاج قطع نسيجية تتميز بمتانتها وجمالها الفني. تاريخياً، كان السدو جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للبدو، حيث استخدم في صناعة بيوت الشعر التي تشكل مسكنهم، وكذلك في إنتاج الأغطية، والسجاد، ووسائل التخزين، وأدوات الزينة للإبل والخيول. تعتبر الأنماط الهندسية والألوان الزاهية التي تميز السدو رموزاً تعكس جوانب من البيئة الصحراوية، ومعتقدات، وقصص، وذكريات النسّاجات اللواتي كن يورثن هذا الفن جيلاً بعد جيل.
إن تسجيل السدو ضمن القائمة التمثيلية لليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في عام 2020، وهو جهد مشترك بين الكويت والسعودية والإمارات وقطر، يؤكد على قيمته العالمية وضرورة الحفاظ عليه ككنز ثقافي. ويتمتع فن السدو بالعديد من الخصائص التي تجعله فريداً:
- الأصول البدوية: يمثل فن السدو جزءاً أساسياً من التراث البدوي العريق في منطقة الخليج العربي، ويرتبط بنمط حياة الصحراء.
- المواد الخام الطبيعية: يُنسج غالباً من صوف الأغنام وشعر الماعز ووبر الإبل، ما يمنحه متانة وملمساً مميزاً.
- الأنماط الهندسية والرمزية: يتميز بتصاميمه الهندسية المتكررة والألوان التقليدية التي تحمل دلالات ثقافية عميقة وتعبّر عن البيئة الصحراوية.
- الاستخدامات المتعددة: كان يُستخدم في صناعة بيوت الشعر، والسجاد، والفرش، وأغطية الأمتعة، وزينة الإبل والخيول.
- اعتراف اليونسكو: تم إدراجه في القائمة التمثيلية لليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية عام 2020، مما يؤكد قيمته العالمية وأهمية الحفاظ عليه.
دور جمعية السدو الحرفية
تلعب جمعية السدو الحرفية دوراً محورياً في الحفاظ على هذا الفن الأصيل وتطويره. تأسست الجمعية بهدف توثيق ونشر فن السدو، وتدريب الأجيال الجديدة من الحرفيين عليه لضمان استمراريته. تقوم الجمعية بتنظيم ورش عمل ودورات تعليمية، بالإضافة إلى إقامة المعارض المحلية والدولية لعرض منتجات السدو والتعريف به. وبذلك، لا تكتفي الجمعية بالحفاظ على المهارات التقليدية فحسب، بل تعمل أيضاً على تكييف فن السدو ليناسب الأذواق المعاصرة دون المساس بجوهره الأصيل، مما يسهم في إبقائه حياً وذا صلة في المشهد الثقافي الحديث. مشاركة الجمعية في إكسبو أوساكا هي تتويج لجهودها المتواصلة في الترويج للسدو كشكل فني عالمي.
مشاركة الكويت في إكسبو أوساكا 2025
معرض إكسبو أوساكا 2025، الذي سيُعقد في الفترة من 13 أبريل إلى 13 أكتوبر 2025 في مدينة أوساكا اليابانية، تحت شعار «تصميم مجتمع المستقبل لحياتنا»، يمثل منصة عالمية فريدة لتبادل الأفكار والابتكارات الثقافية والعلمية. تسعى الكويت من خلال جناحها في هذا المعرض إلى تقديم صورة شاملة عن تطورها ورؤيتها المستقبلية، مع التأكيد على جذورها الثقافية العميقة. سيكون العرض الحي لفن السدو في جناح الكويت فرصة ذهبية للزوار من مختلف أنحاء العالم لمشاهدة مراحل صناعة السدو بشكل مباشر، والتفاعل مع الحرفيات، والتعرف على التقنيات التقليدية المستخدمة. يتوقع أن يجذب هذا العرض اهتماماً واسعاً، كونه يجمع بين الأصالة والحرفية اليدوية في زمن يهيمن فيه الإنتاج الصناعي، مما يقدم تجربة ثقافية غنية ومباشرة.
الأهمية والتأثير
تتجاوز أهمية هذه المشاركة مجرد عرض فني؛ فهي تمثل أداة فعالة للدبلوماسية الثقافية، حيث تقدم الكويت للعالم جزءاً من هويتها الوطنية بطريقة حية وجذابة. من خلال إبراز فن السدو، تعزز الكويت مكانتها كدولة غنية بالتراث وتساهم في الحوار الثقافي العالمي. كما أن هذا العرض يدعم جهود اليونسكو في الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي ويشجع على تقدير الحرف اليدوية التقليدية في جميع أنحاء العالم. على الصعيد المحلي، يمكن أن تلهم هذه المشاركة الأجيال الشابة لتقدير تراث أجدادهم وتعلم هذه الحرفة العريقة، مما يضمن استمرارية فن السدو للأجيال القادمة ويحفز السياحة الثقافية. إن التواجد البارز للسدو في حدث عالمي مثل إكسبو أوساكا يعكس التزام الكويت بالحفاظ على موروثها وتعزيز مكانته في السياق العالمي الحديث.





