في زيارة حاسمة.. وفد أوكراني رفيع المستوى بقيادة أوميروف ويرماك في واشنطن
في خطوة دبلوماسية بالغة الأهمية، وصل وفد أوكراني رفيع المستوى إلى العاصمة الأمريكية واشنطن في أوائل ديسمبر 2023، في زيارة تهدف إلى حشد الدعم المستمر للمجهود الحربي في كييف. ترأس الوفد كل من وزير الدفاع رستم أوميروف ورئيس مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك، مما يعكس الطبيعة المزدوجة للزيارة التي جمعت بين الملفين العسكري والسياسي في وقت حرج.

خلفية الزيارة وسياقها الدقيق
جاءت هذه الزيارة في ظل تحديات متزايدة تواجه استمرارية المساعدات الأمريكية لأوكرانيا. في ذلك الوقت، كان الكونغرس الأمريكي يشهد نقاشات محتدمة حول حزمة مساعدات إضافية ضخمة لأوكرانيا، حيث ربط أعضاء من الحزب الجمهوري موافقتهم على الحزمة بضرورة إقرار تشريعات أكثر صرامة تتعلق بأمن الحدود الجنوبية للولايات المتحدة. هذا المأزق السياسي أثار قلقاً كبيراً في كييف وحلفائها، مع تضاؤل المخزونات العسكرية واقتراب فصل الشتاء الذي كان يُتوقع أن يزيد من صعوبة الأوضاع على جبهات القتال.
الأهداف المحورية للوفد الأوكراني
كانت مهمة الوفد واضحة ومحددة، وتتمحور حول تحقيق عدة أهداف استراتيجية لضمان قدرة أوكرانيا على مواصلة الدفاع عن أراضيها. شملت أبرز هذه الأهداف ما يلي:
- تأمين الدعم المالي والعسكري: كان الهدف الأساسي هو إقناع المشرعين الأمريكيين ومسؤولي الإدارة بضرورة الإسراع في إقرار حزمة المساعدات العالقة، وشرح التداعيات الخطيرة التي قد تنتج عن أي تأخير.
- عرض الخطط العسكرية المستقبلية: قدم الوفد لمحة عن استراتيجية أوكرانيا العسكرية لعام 2024، مع التركيز على الاحتياجات الميدانية الملحة من الأسلحة والذخائر والمعدات اللازمة لصد الهجمات الروسية وشن عمليات مضادة.
- تعزيز التعاون الدفاعي المشترك: تجاوزت المحادثات مجرد طلب المساعدات، لتشمل مناقشة آفاق التعاون الصناعي العسكري، بما في ذلك إمكانية الإنتاج المشترك للأسلحة، بهدف بناء قدرات دفاعية مستدامة لأوكرانيا على المدى الطويل.
- تأكيد الالتزام بالإصلاحات: سعى الوفد إلى طمأنة الشركاء الأمريكيين بأن أوكرانيا ماضية في تنفيذ الإصلاحات الداخلية ومكافحة الفساد، لضمان أعلى مستويات الشفافية في استخدام المساعدات المقدمة.
اجتماعات ولقاءات رفيعة المستوى
لتحقيق أهدافه، عقد الوفد الأوكراني سلسلة من الاجتماعات المكثفة مع كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية والكونغرس. شملت اللقاءات محادثات مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ووزير الدفاع لويد أوستن في البنتاغون، بالإضافة إلى جلسات مع أعضاء بارزين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلسي النواب والشيوخ. وكان وجود يرماك، بصفته مبعوثاً سياسياً رئيسياً للرئيس زيلينسكي، وأوميروف، كقائد للمؤسسة العسكرية، يهدف إلى تقديم رؤية متكاملة وموحدة للأوضاع، والرد على كافة الاستفسارات السياسية والعسكرية من الجانب الأمريكي.
الأهمية الاستراتيجية للزيارة
تكمن أهمية هذه الزيارة في كونها محاولة مباشرة ومكثفة من جانب كييف للتأثير على عملية صنع القرار في واشنطن في لحظة مفصلية. فبدلاً من انتظار نتائج النقاشات الداخلية الأمريكية، اختارت أوكرانيا إرسال أحد أقوى وفودها لعرض قضيتها بشكل مباشر. لقد كانت الزيارة رسالة قوية بأن أوكرانيا لا تزال شريكاً فاعلاً وقادراً على التخطيط الاستراتيجي، وأن الدعم الأمريكي لا يزال يمثل حجر الزاوية في قدرتها على الصمود وتحقيق النصر. كما عكست هذه الخطوة الدبلوماسية إدراك القيادة الأوكرانية بأن المعركة لا تقتصر على الجبهات العسكرية فحسب، بل تمتد إلى العواصم السياسية للحلفاء.




