قوات إسرائيلية تشن حملات دهم لمنازل أسرى محررين في الضفة الغربية
في أعقاب صفقة تبادل الأسرى التي جرت أواخر عام 2023 ضمن اتفاق الهدنة المؤقتة بين إسرائيل وحركة حماس، أفادت مصادر فلسطينية متعددة بأن القوات الإسرائيلية نفذت سلسلة من عمليات الدهم والاقتحام استهدفت منازل الأسرى والأسيرات الذين أُفرج عنهم مؤخراً في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية. هذه التحركات، التي تكررت بشكل منهجي، أثارت توترات جديدة وألقت بظلالها على فرحة الأهالي بعودة أبنائهم وبناتهم.

تفاصيل الحملات الأخيرة
شملت الحملات الإسرائيلية مداهمات ليلية في الغالب، حيث اقتحمت القوات منازل الأسرى المحررين وقامت بأعمال تفتيش دقيقة، وفي بعض الحالات تم العبث بمحتويات المنازل وتخريبها. تركزت هذه العمليات في مدن وبلدات وقرى مختلفة، منها:
- محافظة الخليل
- محافظة رام الله والبيرة
- محافظة جنين
- محافظة نابلس
- عدة أحياء في القدس الشرقية
خلال هذه المداهمات، قامت القوات الإسرائيلية باستجواب الأسرى المفرج عنهم وأفراد عائلاتهم، ووجهت لهم تحذيرات صارمة من تنظيم أي مظاهر احتفالية أو رفع رايات الفصائل الفلسطينية أو التحدث إلى وسائل الإعلام. وفي عدد من الحالات، تم تسليم الأسرى المحررين بلاغات لمراجعة المخابرات الإسرائيلية، كما تم اعتقال بعضهم مرة أخرى بعد أيام أو أسابيع قليلة من إطلاق سراحهم، مما يعيدهم إلى دائرة الاعتقال التي خرجوا منها للتو.
خلفية إطلاق سراح الأسرى
جاء إطلاق سراح هؤلاء الأسرى، ومعظمهم من النساء والأطفال والقاصرين، في إطار اتفاق الهدنة المؤقتة الذي تم التوصل إليه بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية في نوفمبر 2023. نص الاتفاق على وقف مؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة وتبادل عشرات المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. كان العديد من الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم محتجزين بموجب أوامر اعتقال إداري، أي دون تهمة رسمية أو محاكمة، بينما كان آخرون يقضون أحكاماً بتهم تتعلق بمقاومة الاحتلال.
الأهداف والدوافع وراء المداهمات
تُبرر السلطات الإسرائيلية هذه الإجراءات بأنها تأتي في سياق أمني وقائي، حيث تدعي أن الهدف هو منع التحريض والتأكد من عدم عودة المفرج عنهم إلى ممارسة أنشطة تعتبرها إسرائيل معادية. كما تهدف هذه التحركات إلى منع تحول استقبال الأسرى إلى احتفالات شعبية واسعة، والتي ترى فيها إسرائيل تمجيداً للمقاومة وتقويضاً لردعها. وتعتبر القيود المفروضة على الاحتفالات جزءاً من سياسة إسرائيلية أوسع تهدف إلى قمع أي تعبير عن الهوية الوطنية الفلسطينية.
من منظور فلسطيني، تُعتبر هذه المداهمات شكلاً من أشكال العقاب الجماعي والتنكيل النفسي بالأسرى وعائلاتهم. وترى الفصائل الفلسطينية ومنظمات حقوق الإنسان أن هذه الممارسات تهدف إلى سرقة فرحة الفلسطينيين وتوجيه رسالة مفادها أن الحرية التي نالوها مؤقتة ومشروطة، وأن السلطات الإسرائيلية لا تزال تسيطر على كل تفاصيل حياتهم. كما يُنظر إليها على أنها محاولة لكسر الروح المعنوية لدى الشارع الفلسطيني وتقويض الإنجاز الذي حققته المقاومة عبر صفقة التبادل.
التأثير وردود الفعل
تترك هذه الحملات المستمرة آثاراً نفسية واجتماعية عميقة على الأسرى المحررين وعائلاتهم. فبدلاً من البدء في عملية إعادة التأهيل والاندماج في المجتمع، يجد هؤلاء أنفسهم تحت ضغط نفسي هائل وخوف دائم من إعادة الاعتقال. هذه الإجراءات تعرقل عودتهم إلى حياتهم الطبيعية وتجعل من حريتهم حرية منقوصة.
على الصعيد الرسمي، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية وهيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني هذه الممارسات، واعتبرتها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وجزءاً من سياسة ممنهجة تهدف إلى التنكيل بالشعب الفلسطيني. وطالبت هذه الجهات المجتمع الدولي بالتدخل لوقف هذه الانتهاكات وتوفير الحماية للأسرى المفرج عنهم. كما حذرت من أن استمرار هذه السياسات يؤدي إلى تصعيد التوتر في الضفة الغربية وقد يهدد أي جهود مستقبلية للتهدئة.





