كامل الباشا يوضح: فيلم "كولونيا" جلب لي صعوبات جمة، والسينما لم تنجح في تجسيد القضية الفلسطينية بصدق
أدلى الممثل الفلسطيني القدير كامل الباشا بتصريحات جريئة ومحورية خلال فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي، الذي أقيم في أكتوبر 2024. وقد أثارت تصريحاته نقاشاً واسعاً حول تحديات الصناعة السينمائية ودورها في تناول القضايا المصيرية، لا سيما القضية الفلسطينية. أشار الباشا إلى أن تجربته مع مشروع فني وصفه بـ"كولونيا" قد تسببت له في متاعب شخصية ومهنية كبيرة، بالتزامن مع انتقاده اللاذع للطريقة التي تعاملت بها السينما بشكل عام مع القضية الفلسطينية، معتبراً أنها لم تعبر عنها بصدق أو عمق كافٍ.

الخلفية: مسيرة كامل الباشا وإنجازاته
يُعد كامل الباشا واحداً من أبرز الوجوه في السينما العربية والفلسطينية المعاصرة، يتمتع بمسيرة فنية حافلة بالعديد من الأدوار التي حظيت بتقدير نقدي وجماهيري واسع. اكتسب شهرة عالمية بعد فوزه بكأس فولبي لأفضل ممثل في مهرجان البندقية السينمائي عام 2017 عن دوره في فيلم "قضية رقم 23" (The Insult) للمخرج اللبناني زياد دويري. هذا الإنجاز لم يكن مهماً لمسيرته الشخصية فحسب، بل سلط الضوء أيضاً على المواهب التمثيلية الفلسطينية والعربية على الساحة الدولية. تميز الباشا بقدرته على تجسيد شخصيات معقدة بعمق وإنسانية، مما جعله مرجعاً فنياً للكثيرين.
تحديات فيلم "كولونيا" وتأثيرها الشخصي
في قلب تصريحاته الأخيرة، تطرق الباشا إلى تجربة شخصية مع مشروع وصفه بـ"كولونيا"، مشيراً إلى أن هذه التجربة جلبت له "صعوبات جمة". ورغم أن التفاصيل المحددة حول طبيعة هذا المشروع أو نوع الصعوبات التي واجهها لم يتم الإفصاح عنها بشكل كامل في التقارير الإعلامية، إلا أن إشارته إليها تحمل دلالات حول تحديات العمل الفني، خاصة في سياق يمس القضايا الحساسة. قد تكون هذه الصعوبات قد تمثلت في عقبات إنتاجية، أو قيود سياسية، أو حتى خلافات فنية أثرت على تجربته بشكل مباشر. تسلط هذه النقطة الضوء على التكاليف الشخصية التي قد يتحملها الفنانون عند الانخراط في أعمال ذات طابع سياسي أو اجتماعي معقد.
نقد السينما وتجسيد القضية الفلسطينية
يمثل جوهر تصريحات الباشا نقده الصريح للسينما، بأنها "لم تنجح في تجسيد القضية الفلسطينية بصدق". هذا النقد ليس جديداً في الأوساط الفنية والثقافية الفلسطينية والعربية، لكنه يكتسب أهمية خاصة عند صدوره من فنان بحجم الباشا. تتمركز وجهة نظره حول عدة محاور:
- السطحية في التناول: يرى الباشا أن العديد من الأعمال السينمائية التي حاولت مقاربة القضية الفلسطينية اكتفت بالجانب السطحي أو النمطي، وفشلت في الغوص في تعقيدات التجربة الإنسانية الفلسطينية.
- غياب الأصوات الحقيقية: يشير إلى ضرورة إتاحة الفرصة للأصوات الفلسطينية الأصيلة لسرد قصصها، بعيداً عن التفسيرات الخارجية أو التنميطات.
- تحديات التمويل والإنتاج: بشكل ضمني، يلامس الباشا التحديات الهيكلية التي تواجه السينما الفلسطينية، من نقص التمويل إلى صعوبات الإنتاج تحت الاحتلال، مما يعيق قدرتها على إنتاج أعمال ذات جودة وعمق.
- المبالغة والدراما المفتعلة: قد يكون نقده موجهاً أيضاً إلى الأعمال التي تعتمد على المبالغة في الدراما أو تستخدم القضية كخلفية دون تقديم رؤية فنية حقيقية أو تحليل عميق.
المهرجان وتوقيت التصريحات
جاءت تصريحات كامل الباشا على هامش مهرجان الجونة السينمائي، الذي يُعد منصة هامة للسينما العربية والدولية. اختيار الباشا لهذه المنصة لإبداء رأيه يعكس رغبته في إيصال صوته إلى جمهور أوسع من صناع الأفلام والنقاد والإعلاميين. المهرجان، بطبيعته كملتقى فني، يوفر بيئة مثالية لمناقشة قضايا الصناعة الفنية والاجتماعية. هذا التوقيت، في خضم نقاشات حول مستقبل السينما وتحدياتها، أضفى على تصريحاته ثقلاً إضافياً، ووضعها في سياق يسعى لتحفيز التفكير والتغيير.
التأثير والآفاق المستقبلية
من المتوقع أن تثير تصريحات كامل الباشا مزيداً من النقاشات حول جودة وتوجهات السينما العربية والفلسطينية تحديداً. يمكن أن تُعد هذه الكلمات دعوة مفتوحة لصناع الأفلام والمخرجين والمنتجين لإعادة تقييم أساليبهم في معالجة القضايا المصيرية. كما أنها قد تشجع على المزيد من التعاون بين الفنانين الفلسطينيين لدعم إنتاج أعمال تعبر بصدق عن واقعهم. على المدى الطويل، قد تساهم هذه التصريحات في توجيه دفة النقاش نحو الحاجة الماسة لدعم السينما الفلسطينية المستقلة، وتمكينها من سرد قصصها بأسلوبها الخاص، بعيداً عن القيود أو التوقعات المسبقة، والسعي نحو تجسيد أكثر عمقاً وصدقاً لقضية مركزية مثل القضية الفلسطينية.





