حركة فتح تجدد رفضها لأي شكل من أشكال الوصاية الدولية على فلسطين
جددت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، خلال الأشهر الأخيرة، تأكيدها على موقفها الثابت والرافض لأي مقترحات دولية أو إقليمية تهدف إلى فرض أي شكل من أشكال الوصاية أو الانتداب على الأراضي الفلسطينية. يأتي هذا الموقف في سياق النقاشات الدولية المتزايدة حول مستقبل قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، والتي تضمنت سيناريوهات لإدارة القطاع عبر قوات متعددة الجنسيات أو إدارات انتقالية، وهو ما تعتبره الحركة مساسًا مباشرًا بالسيادة وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.

خلفية الموقف وسياقه التاريخي
يحمل مصطلحا "الوصاية" و"الانتداب" دلالات تاريخية سلبية عميقة في الذاكرة الفلسطينية والعربية، حيث يرتبطان بشكل مباشر بمرحلة الاستعمار وما تلاها. فالانتداب البريطاني على فلسطين (1922-1948) هو الذي مهد، من وجهة نظر الفلسطينيين، لقيام دولة إسرائيل والنكبة التي حلت بهم. لذلك، فإن إعادة طرح هذه المصطلحات أو ما يشابهها من ترتيبات أمنية أو إدارية تُفرض من الخارج، يُنظر إليه على أنه محاولة لإعادة إنتاج الماضي الاستعماري وتجاوز الإرادة الوطنية الفلسطينية.
وقد برزت هذه النقاشات بشكل مكثف منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث طرحت جهات دولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، أفكارًا حول إدارة أمنية ومدنية مؤقتة للقطاع بعد انتهاء الصراع، وهو ما استدعى ردًا حاسمًا من القيادة الفلسطينية، ممثلة في حركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية.
تفاصيل الموقف الرسمي لحركة فتح
شددت حركة فتح، في بيانات صادرة عن لجنتها المركزية ومسؤوليها، على أن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق الحصري في تقرير مصيره واختيار قيادته وشكل إدارة أرضه. وتتلخص النقاط الأساسية في موقف الحركة بما يلي:
- وحدة الأراضي الفلسطينية: تؤكد الحركة أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية، وعاصمتها القدس الشرقية، وترفض رفضًا قاطعًا أي خطط لفصل القطاع عن الضفة الغربية سياسيًا أو إداريًا.
- رفض الحلول الأمنية المفروضة: تعتبر فتح أن أي وجود عسكري أو أمني أجنبي على الأراضي الفلسطينية دون موافقة القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني هو شكل من أشكال الاحتلال.
- التمسك بالشرعية الفلسطينية: ترى الحركة أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأن أي حلول لمستقبل غزة يجب أن تتم في إطار سياسي فلسطيني شامل وتحت مظلة المنظمة.
- الدعوة لحل سياسي شامل: بدلًا من الترتيبات المؤقتة، تطالب فتح بحل سياسي شامل للصراع يقوم على أساس قرارات الشرعية الدولية، ويفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة.
الأهمية والدلالات السياسية
يحمل هذا الموقف أهمية بالغة كونه يمثل رسالة واضحة للمجتمع الدولي، وخاصة للولايات المتحدة وإسرائيل، بأن القيادة الفلسطينية التقليدية لن تقبل بأن تكون جزءًا من أي ترتيبات لا تمنح الفلسطينيين سيادة كاملة. كما أنه يهدف إلى قطع الطريق على أي محاولات لإيجاد قيادات فلسطينية بديلة أو سلطات محلية في غزة تتعاون مع خطط دولية تتجاوز منظمة التحرير.
داخليًا، يهدف هذا الموقف إلى تأكيد دور فتح كقائدة للمشروع الوطني الفلسطيني في مواجهة التحديات الراهنة، وكتعبير عن إجماع وطني يرفض الانتقاص من الحقوق الفلسطينية. ويمثل هذا الإعلان موقفًا تفاوضيًا أساسيًا لأي محادثات مستقبلية، حيث تضع القيادة الفلسطينية خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها فيما يتعلق بالسيادة ومستقبل الدولة.




