كشف شبكة دولية لتهريب الهواتف: تفاصيل الإطاحة بعصابة نقلت 40 ألف جهاز من لندن إلى الصين
في واحدة من أكبر عمليات مكافحة الجريمة المنظمة في بريطانيا، نجحت شرطة العاصمة لندن في تفكيك شبكة إجرامية دولية متخصصة في سرقة وتهريب الهواتف الذكية. على مدار خمس سنوات، تمكنت العصابة من تهريب ما يقرب من 40 ألف هاتف مسروق من شوارع لندن ومدن بريطانية أخرى إلى وجهات بعيدة مثل الصين وهونغ كونغ، في عملية بلغت قيمتها ملايين الجنيهات الإسترلينية. اللافت في هذه القضية أن الخيط الأول الذي قاد إلى كشف هذه الشبكة المعقدة كان إصرار أحد الضحايا على تتبع هاتفه المسروق.

خيط البداية: إصرار ضحية يكشف المستور
بدأت القصة تتكشف عندما تعرض رجل لسرقة هاتفه في وسط لندن. وبدلاً من الاستسلام، استخدم الضحية خاصية تتبع الأجهزة لتحديد موقع هاتفه. لاحظ أن الجهاز يتنقل في أنحاء المدينة قبل أن يستقر في عنوان محدد. قام الرجل بإبلاغ الشرطة بالمعلومات التي توصل إليها، وهو ما دفع المحققين إلى مراقبة الموقع المشبوه. أدت هذه المتابعة الأولية إلى الكشف عن مركز لتجميع الهواتف المسروقة، والذي كان بمثابة نقطة الانطلاق لكشف شبكة إجرامية واسعة النطاق لم تكن السلطات على دراية بحجمها الحقيقي.
تفاصيل العملية الإجرامية وحجمها
قاد التحقيق، الذي أطلق عليه اسم "عملية هايبريون"، إلى تحديد هوية زعيم العصابة، وهو رجل يدعى نان جيانغ. أظهرت التحقيقات أن جيانغ أدار هذه العملية الضخمة بين عامي 2012 و2017، حيث قام بتنظيم شبكة من اللصوص لسرقة الهواتف من الأماكن العامة والمتاجر في جميع أنحاء بريطانيا. كانت الهواتف المسروقة تُجمع بعد ذلك في مقرات سرية، حيث يتم مسح بياناتها وتجهيزها للشحن الدولي.
اعتمدت العصابة على أساليب معقدة لتجنب كشفها، حيث كانت تقوم بشحن الهواتف في طرود صغيرة لا تثير الشكوك باستخدام هويات مزورة أو مسروقة. وقد كشفت سجلات الشحن والطيران عن نمط ممنهج لإرسال الأجهزة إلى الصين وهونغ كونغ، حيث كان يتم تفكيكها لقطع غيار أو إعادة برمجتها وبيعها في الأسواق المحلية. وتشير التقديرات إلى أن القيمة الإجمالية للهواتف المهربة تجاوزت 15 مليون جنيه إسترليني.
التحقيقات والمحاكمة
واجهت الشرطة تحديات كبيرة خلال التحقيق بسبب الطبيعة الدولية للشبكة والكم الهائل من البيانات التي كان يجب تحليلها. عمل المحققون على فحص آلاف المستندات، بما في ذلك سجلات مالية وبيانات شحن وتذاكر طيران لكشف الروابط بين أعضاء العصابة. بعد جمع الأدلة الكافية، تم القبض على نان جيانغ وعدد من مساعديه الرئيسيين.
في المحاكمة التي جرت في محكمة كينغستون كراون، وُجهت إلى المتهمين تهم تتعلق بالتآمر والتعامل مع بضائع مسروقة. وفي عام 2019، أُدين نان جيانغ وحُكم عليه بالسجن لمدة ثماني سنوات، بينما تلقى شركاؤه أحكامًا متفاوتة بالسجن، مما وجه ضربة قاصمة للشبكة الإجرامية.
الأهمية والتأثير
تُعد هذه القضية مثالاً بارزاً على تطور الجريمة المنظمة العابرة للحدود في العصر الرقمي، حيث أصبحت الأجهزة الإلكترونية هدفاً رئيسياً للشبكات الإجرامية بسبب قيمتها العالية وسهولة نقلها. كما سلطت القضية الضوء على الدور الحاسم الذي يمكن أن يلعبه المواطنون في مساعدة أجهزة إنفاذ القانون من خلال استخدام التكنولوجيا المتاحة لهم، مثل تطبيقات تتبع الأجهزة. وأكدت شرطة لندن أن هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا الشجاعة والإصرار من الضحية الأولى الذي قادهم إلى كشف واحدة من أكبر عمليات تهريب السلع المسروقة في تاريخ المملكة المتحدة.




