كنوز توت عنخ آمون: رحلة تاريخية من الاكتشاف إلى العرض في المتحف الكبير
تتجه أنظار العالم نحو مصر مع اقتراب موعد الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، المشروع الثقافي الأضخم الذي يستعد لعرض المجموعة الكاملة لمقتنيات الملك توت عنخ آمون لأول مرة في التاريخ. يمثل هذا الحدث تتويجًا لرحلة طويلة بدأت منذ اكتشاف المقبرة الشهيرة قبل قرن من الزمان، مرورًا بعمليات نقل وترميم فائقة الدقة، وصولًا إلى عرضها في صرح معماري حديث يقع بجوار أهرامات الجيزة.

خلفية تاريخية: كنز هز العالم
في نوفمبر 1922، قام عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر باكتشاف غيّر وجه علم المصريات إلى الأبد، حين عثر على مقبرة الملك الشاب توت عنخ آمون في وادي الملوك بالأقصر. كانت المقبرة شبه سليمة، وهو أمر نادر للغاية، حيث احتوت على آلاف القطع الأثرية التي تقدم رؤية شاملة للحياة الملكية في مصر القديمة، من الأدوات اليومية إلى الكنوز الجنائزية الذهبية. لأكثر من مئة عام، ظلت هذه المقتنيات موزعة بين المتحف المصري بالتحرير ومخازن وزارة الآثار، مع عرض جزء محدود منها فقط للجمهور.
المتحف المصري الكبير: صرح للقرن الحادي والعشرين
يُعد المتحف المصري الكبير، الذي بدأ العمل فيه مطلع الألفية الجديدة، أحد أكبر المتاحف الأثرية في العالم. تم تصميمه ليصبح مركزًا ثقافيًا وعلميًا عالميًا، حيث يمتد على مساحة شاسعة ويستهدف عرض أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من مختلف العصور المصرية القديمة. يهدف المشروع إلى توفير تجربة متحفية حديثة تليق بعظمة الحضارة المصرية، مع استخدام أحدث تقنيات العرض وتوفير معامل ترميم على أعلى مستوى.
رحلة الآثار: عملية نقل وتجميع دقيقة
على مدار السنوات القليلة الماضية، شهدت مصر عملية لوجستية معقدة لنقل آلاف القطع الأثرية إلى المتحف الكبير. وقد حظيت مقتنيات توت عنخ آمون باهتمام خاص، حيث تم نقل أكثر من 5,000 قطعة تابعة للملك الذهبي في مواكب احتفالية أُطلق عليها اسم "مواكب المومياوات الملكية" و"مواكب نقل الآثار". جرت عملية النقل باستخدام صناديق خاصة مصممة علميًا لحماية القطع من أي اهتزازات أو تغيرات في درجات الحرارة والرطوبة. فور وصولها، خضعت القطع لعمليات ترميم وتجهيز دقيقة في مركز الترميم الملحق بالمتحف، والذي يُعتبر الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط.
عرض المجموعة الكاملة لأول مرة
يمثل عرض كنوز توت عنخ آمون مجتمعةً الحدث الأبرز في المتحف الكبير. لأول مرة، سيتمكن الزوار من مشاهدة المجموعة الكاملة في مكان واحد، موزعة على قاعتين رئيسيتين تمتدان على مساحة تزيد عن 7,000 متر مربع. تشمل المجموعة قطعًا أيقونية معروفة عالميًا إلى جانب مئات القطع التي ظلت حبيسة المخازن منذ اكتشافها، مما سيوفر للباحثين والجمهور فرصة فريدة لاستكشاف جوانب جديدة من حياة الملك الشاب. من بين أبرز القطع التي ستُعرض:
- القناع الذهبي الشهير.
 - التوابيت الذهبية الثلاثة.
 - العرش الملكي المصنوع من الخشب المذهب.
 - العجلات الحربية والمجموعة الكاملة للأقواس والسهام.
 - مجموعة الملابس والأحذية والمجوهرات الشخصية للملك.
 
التأثير المرتقب والأهمية الثقافية
وفقًا لتصريحات مسؤولين مصريين خلال عام 2023 و2024، فإن المتحف في مراحله النهائية قبل الافتتاح الوشيك. من المتوقع أن يُحدث افتتاح المتحف المصري الكبير نقلة نوعية في قطاع السياحة المصري، ويجذب ملايين الزوار سنويًا. لا تقتصر أهمية المشروع على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تمثل أيضًا رسالة ثقافية للعالم، تؤكد على جهود مصر في الحفاظ على تراثها الإنساني وتقديمه للأجيال القادمة بأسلوب مبتكر يليق بقيمته التاريخية الفريدة.



