كوبا تفكك شبكة تجنيد لصالح روسيا وتنفي أي تورط رسمي في حرب أوكرانيا
أعلنت الحكومة الكوبية في أوائل سبتمبر 2023 عن اكتشافها وتصديها لشبكة إتجار بالبشر تهدف إلى تجنيد مواطنين كوبيين للمشاركة في العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا. وفي بيان رسمي، أكدت وزارة الخارجية الكوبية على موقف البلاد الثابت والتاريخي ضد المرتزقة، مشددة على أن كوبا ليست جزءًا من الصراع في أوكرانيا وستتخذ إجراءات قانونية صارمة ضد كل من يشارك في هذه الأنشطة غير القانونية.
خلفية الكشف عن الشبكة
جاء التحرك الرسمي الكوبي بعد تزايد التقارير وانتشار مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مواطنين كوبيين يخدمون في صفوف الجيش الروسي. وظهر في بعض هذه المواد المصورة شباب يتحدثون الإسبانية، وهم يرتدون الزي العسكري الروسي في مناطق تدريب أو بالقرب من جبهات القتال. وقد أثارت هذه الأدلة تساؤلات حول مدى علم الحكومة الكوبية بهذه الأنشطة، خاصة في ظل التحالف السياسي الوثيق بين هافانا وموسكو. كانت التقارير الأولية تشير إلى أن المجندين يتم إغراؤهم بوعود مالية كبيرة وإمكانية الحصول على الجنسية الروسية لهم ولعائلاتهم.
التفاصيل والإجراءات الحكومية
أوضحت السلطات الكوبية أن الشبكة كانت تعمل من روسيا، وبمساعدة متواطئين داخل كوبا، بهدف استقطاب مواطنين كوبيين مقيمين في روسيا وفي الجزيرة نفسها. وأكدت وزارة الداخلية الكوبية أنها باشرت إجراءات جنائية ضد المتورطين، وقد تم بالفعل اعتقال عدد من الأشخاص على خلفية هذه القضية. وشدد البيان على أن هذه المحاولات تهدف إلى تشويه صورة البلاد وتقديمها كمتواطئة في أعمال ترفضها كوبا بشكل قاطع. وأكدت الحكومة أنها ستستخدم قوة القانون لمواجهة أي شكل من أشكال الإتجار بالبشر لأغراض التجنيد العسكري.
الدوافع والعلاقات الروسية الكوبية
تأتي هذه الأحداث في سياق أزمة اقتصادية خانقة تعيشها كوبا، وهي الأسوأ منذ عقود. يعاني المواطنون من نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود، مما يجعل العروض المالية المغرية التي تقدمها شبكات التجنيد خيارًا جذابًا للعديد من الشباب الباحثين عن مخرج من الظروف المعيشية الصعبة. وتشمل الإغراءات التي قُدمت للمجندين ما يلي:
- عقود عمل لمدة عام في الجيش الروسي مقابل رواتب شهرية تصل إلى ما يعادل ألفي دولار أمريكي، وهو مبلغ ضخم مقارنة بمتوسط الأجور في كوبا.
- الحصول على الإقامة الدائمة ومن ثم الجنسية الروسية بعد فترة وجيزة من الخدمة.
- وعود كاذبة في بعض الحالات، حيث كان يتم استدراج البعض بعقود عمل مدنية في قطاع البناء في روسيا، ليتفاجأوا عند وصولهم بأنه يُطلب منهم الانضمام إلى المجهود الحربي.
على الصعيد الدبلوماسي، تضع هذه القضية كوبا في موقف حرج. فبينما تحافظ على علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا، تسعى جاهدة لتجنب أي اتهامات دولية بدعم الحرب، الأمر الذي قد يعرضها لمزيد من العقوبات. ويُنظر إلى تحركها السريع والحاسم ضد شبكة التجنيد على أنه رسالة موجهة للمجتمع الدولي بأنها لا تقبل بمثل هذه الممارسات على أراضيها.
الأهمية والتداعيات
يكشف هذا الحدث عن الأبعاد العالمية للصراع في أوكرانيا، وكيف تستغل أطراف النزاع الظروف الاقتصادية الصعبة في دول أخرى لتأمين الموارد البشرية. كما يسلط الضوء على الجهود الروسية المستمرة لإيجاد مقاتلين من خارج حدودها لتعويض الخسائر في ساحة المعركة. ومن خلال نفيها القاطع لأي دور رسمي، تسعى كوبا إلى حماية سيادتها وسمعتها الدولية، مع التأكيد على التزامها بالقانون الدولي ومبادئها المناهضة للمرتزقة.



