كيت بلانشيت تستعيد ذكريات بدايتها السينمائية في مصر بفيلم مع أحمد زكي
أدلت النجمة العالمية كيت بلانشيت، الحائزة على جائزتي أوسكار، بتصريحات لافتة خلال ندوة حوارية عُقدت مؤخرًا ضمن فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي. حيث استذكرت بلانشيت بتفاصيل شيقة بداياتها السينمائية غير المتوقعة في مصر، وتحديدًا من خلال ظهورها ككومبارس في فيلم "كابوريا" الذي قام ببطولته الأسطورة المصرية الراحل أحمد زكي. تسلط هذه الذكرى الضوء على جانب خفي من مسيرتها المهنية المبكرة، وتربطها بجسر ثقافي فريد يمتد بين هوليوود وعالم السينما العربية، مما أثار اهتمامًا واسعًا في الأوساط الفنية والإعلامية.

الخلفية التاريخية للواقعة
تُعد كيت بلانشيت اليوم إحدى أبرز وأكثر الممثلات تأثيرًا في الصناعة السينمائية العالمية، معروفة بتنوع أدوارها وقدرتها على تجسيد شخصيات معقدة بعمق وإتقان. تمتد مسيرتها الفنية لعقود، حصدت خلالها إشادة نقدية وجوائز رفيعة، بما في ذلك جائزة أوسكار أفضل ممثلة عن فيلم "بلو ياسمين" وجائزة أوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن "الطيار". قبل أن تصبح نجمة عالمية بهذا الحجم، مرت بلانشيت بمراحل مختلفة في بداياتها الفنية، وقد ظلت تجربتها في مصر خلال فترة شبابها معلومة غير شائعة لدى الكثيرين، مما أضفى عليها طابع المفاجأة.
على الجانب الآخر، يمثل أحمد زكي رمزًا خالدًا في تاريخ السينما المصرية والعربية. يُعرف بلقب "الإمبراطور" و"النمر الأسود"، وقد ترك خلفه إرثًا فنيًا غنيًا من الأفلام التي تعد علامات فارقة في تاريخ الفن السابع بالمنطقة. تميز زكي بقدرته الفائقة على التقمص وتقديم أدوار متنوعة بصدق وواقعية لا مثيل لها، ما جعله يحتل مكانة استثنائية في قلوب الجماهير والنقاد على حد سواء. رحل زكي في عام 2005، لكن أعماله لا تزال محط تقدير وإلهام للأجيال الجديدة من الفنانين والجمهور.
فيلم "كابوريا"، الذي صدر عام 1990، هو أحد الأعمال المميزة في مسيرة أحمد زكي الفنية. أخرجه المبدع خيري بشارة ويُصنف ضمن الأفلام الكوميدية الدرامية التي تحمل رسائل اجتماعية عميقة. تدور أحداث الفيلم حول "حسن هدهد" (أحمد زكي)، شاب يطمح ليصبح ملاكمًا مشهورًا، ويواجه العديد من التحديات في طريقه لتحقيق حلمه في ظل ظروف معيشية صعبة. اشتهر الفيلم بأجوائه الحيوية وتصويره الواقعي لطبقات المجتمع المصري، وقد حظي بنجاح جماهيري ونقدي واسع آنذاك. لم تكن مشاركة كيت بلانشيت في الفيلم بدور رئيسي أو ثانوي، بل كانت كـ"كومبارس" أو جزء من مجموعة من الأجانب تظهر في مشهد عابر، وهو ما يضيف إلى طرافة القصة وغرابتها ويجعلها مفاجأة حقيقية لجمهورها العالمي.
تفاصيل تصريحات بلانشيت في الجونة
خلال الندوة الحوارية التي أقيمت ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي، شاركت كيت بلانشيت الحضور تفاصيل تجربتها المبكرة في مصر. أوضحت بلانشيت أنها كانت في أوائل العشرينات من عمرها، وكانت تتنقل في المنطقة عندما سنحت لها فرصة الظهور كـ"كومبارس" في فيلم "كابوريا". ووصفت الأجواء في موقع التصوير بأنها كانت حافلة بالحيوية والطاقة، مشيدة بالاحترافية التي لمستها من فريق العمل المصري رغم بساطة الإمكانيات في ذلك الوقت. على الرغم من أن دورها كان صغيرًا وغير ناطق، إلا أنها أكدت أن هذه التجربة تركت بصمة في ذاكرتها كواحدة من أولى احتكاكاتها الجادة بعالم صناعة السينما، خارج بيئتها الأسترالية الأصلية.
وتذكرت بلانشيت، على وجه الخصوص، كاريزما وحضور أحمد زكي الطاغي في موقع التصوير، حتى وهي تشاهده من بعيد، مؤكدة أنها كانت مدركة حينها أنها تشاهد فنانًا استثنائيًا يتمتع بموهبة فذة، رغم أنها لم تكن تعرف اسمه أو مدى شهرته آنذاك. هذه الذكرى العفوية أثارت تفاعلًا كبيرًا بين الحضور من النقاد والجمهور وصناع السينما، الذين عبروا عن دهشتهم وسعادتهم بهذا الكشف الذي يربط بين نجمين كبيرين من ثقافتين مختلفتين، ويضيف بعدًا إنسانيًا وفنيًا فريدًا إلى مسيرة بلانشيت.
أهمية الخبر وتأثيره
تكتسب تصريحات كيت بلانشيت أهمية خاصة لعدة أسباب. أولًا، تكشف عن حقيقة غير متوقعة ومثيرة للاهتمام في مسيرة نجمة عالمية، ما يضيف عمقًا وتفردًا لسيرتها الذاتية ويعزز من فضول الجمهور والنقاد حول بداياتها المتنوعة. ثانيًا، تسلط الضوء على قيمة السينما المصرية ودورها، ولو بشكل عابر وغير مباشر، في تشكيل مسار بعض المواهب العالمية. كما أنها تعزز من الإرث الفني لـأحمد زكي، حيث يضاف إلى قائمة أعماله المتألقة قصة ارتباط غير مباشر بنجمة بحجم بلانشيت، مما يعيد تسليط الضوء على مكانته العالمية كفنان. هذا الربط غير المتوقع بين هوليوود ومصر يعكس التداخل الثقافي والفني الذي قد يحدث في عالم السينما، ويذكرنا بأن المواهب الفذة قد تلتقي في أماكن غير متوقعة وتتبادل التأثيرات، حتى لو كانت لحظية، لتنسج نسيجًا سينمائيًا عالميًا أكثر ثراءً وتنوعًا.
مهرجان الجونة السينمائي كمنصة للحوار
يُعتبر مهرجان الجونة السينمائي أحد أهم الفعاليات السينمائية في المنطقة، ويلعب دورًا محوريًا في دعم صناعة السينما العربية وعرض أحدث الإنتاجات العالمية. يشتهر المهرجان باستقطاب نجوم وصناع السينما من جميع أنحاء العالم، ويوفر منصة غنية للحوار وتبادل الخبرات بين الثقافات المختلفة. إقامة ندوة حوارية مع شخصية بحجم كيت بلانشيت، واستضافتها لهاذ الكشف الفريد، يؤكد على مكانة المهرجان وقدرته على استقطاب اهتمام إعلامي وثقافي واسع. هذه الفعاليات لا تقتصر على عرض الأفلام فحسب، بل تمتد لتشمل جلسات حوارية وورش عمل تهدف إلى إثراء المشهد السينمائي وتعزيز الروابط بين صناعه على الصعيدين الإقليمي والدولي. وبهذه الطريقة، يساهم المهرجان في تعزيز مكانته كملتقى فني دولي ذي تأثير متزايد.
في الختام، تبقى قصة ظهور كيت بلانشيت في فيلم "كابوريا" مع أحمد زكي حكاية فريدة تسلط الضوء على بدايات غير تقليدية لنجوم كبار، وعلى الروابط الخفية التي قد تجمع بين عمالقة الفن من ثقافات وخلفيات متباينة، لتنسج نسيجًا سينمائيًا عالميًا أكثر ثراءً وتنوعًا.





