كيف تساهم شبكات التضليل الإخوانية في تأجيج الصراع وتعميق أزمة السودان؟
منذ اندلاع النزاع المسلح في السودان في 15 أبريل 2023، برزت حملات التضليل الإعلامي كأداة رئيسية لتأجيج الصراع، حيث تشير تقارير وتحليلات متعددة إلى أن شبكات إعلامية ومنصات على وسائل التواصل الاجتماعي، يُعتقد أنها مرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين وعناصر النظام السابق، تلعب دورًا محوريًا في تعميق الأزمة الإنسانية والسياسية التي تعصف بالبلاد. وتعمل هذه الشبكات بشكل ممنهج على نشر معلومات مغلوطة وأخبار كاذبة بهدف تشكيل الرأي العام وتوجيه مسار الأحداث بما يخدم أجندتها السياسية.

خلفية الصراع ودور الفاعلين الإعلاميين
اندلعت الحرب بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، بعد أشهر من التوترات المتصاعدة حول قضايا الإصلاح الأمني والعسكري ودمج قوات الدعم السريع في الجيش. في هذا السياق، يُنظر إلى عناصر تابعة لنظام الرئيس المعزول عمر البشير، والذين يرتبطون فكريًا بتنظيم الإخوان، على أنهم من أبرز المستفيدين من استمرار الحرب، حيث يسعون من خلالها إلى إجهاض عملية التحول الديمقراطي والعودة إلى السلطة. وتُستخدم المنصات الإعلامية التابعة لهم كسلاح أساسي في هذه المعركة، من خلال تبني خطاب إعلامي يهدف إلى شيطنة أحد طرفي النزاع وتبرير استمرار القتال.
أساليب التضليل الممنهج وأهدافه
تعتمد هذه الشبكات على مجموعة متنوعة من الأساليب لنشر روايتها للأحداث، والتي غالبًا ما تبتعد عن الحقائق على الأرض. وتشمل هذه التكتيكات ما يلي:
- نشر الأخبار الكاذبة: يتم فبركة قصص إخبارية بالكامل، بما في ذلك صور ومقاطع فيديو معدلة أو مقتطعة من سياقات أخرى، لادعاء انتصارات عسكرية وهمية أو اتهام الطرف الآخر بارتكاب فظائع لم تحدث.
- خطاب الكراهية والتحريض: تركز الحملات على إثارة النعرات القبلية والجهوية، وتصوير الصراع على أنه حرب وجودية ضد "الغزاة" أو "المرتزقة"، وهو خطاب يهدف إلى حشد الدعم الشعبي للحرب وتقويض أي دعوات للسلام.
- شيطنة الخصوم والناشطين: يتم استهداف قادة قوات الدعم السريع بحملات تشويه ممنهجة، بالإضافة إلى مهاجمة النشطاء السياسيين والمدنيين الداعين لوقف الحرب، ووصفهم بـ "الخونة" أو "العملاء".
- استغلال منصات التواصل الاجتماعي: تُستخدم جيوش من الحسابات الوهمية، المعروفة بـ "الذباب الإلكتروني"، على منصات مثل "إكس" (تويتر سابقًا) وفيسبوك، لتضخيم المحتوى المضلل ومهاجمة الأصوات المعارضة، مما يخلق انطباعًا زائفًا بوجود تأييد شعبي واسع لرسائلهم.
تهدف هذه الحملات بشكل أساسي إلى تحقيق عدة أهداف سياسية، أبرزها إفشال أي محاولة للتوصل إلى حل سلمي أو تفاوضي، وتقديم سردية تبرر استمرار القتال كخيار وحيد، بالإضافة إلى إعادة تموضع عناصر النظام السابق كقوة سياسية لا يمكن تجاوزها في أي ترتيبات مستقبلية للبلاد.
الأثر المدمر على المجتمع السوداني
يتجاوز تأثير هذه الحملات الفضاء الرقمي ليترك بصمات مدمرة على أرض الواقع. فانتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية يفاقم من معاناة السودانيين الذين يعيشون بالفعل تحت وطأة الحرب. أولاً، يصعّب هذا التضليل على المواطنين التمييز بين الحقيقة والكذب، مما يعرضهم لمخاطر إضافية ويغذي حالة من انعدام الثقة والخوف. ثانيًا، يساهم التحريض المباشر في تأجيج العنف على المستوى المحلي ويزيد من حدة الاستقطاب الاجتماعي، مما يجعل مهمة المصالحة الوطنية بعد انتهاء الحرب أكثر تعقيدًا. وأخيرًا، تعرقل هذه الأكاذيب جهود الإغاثة الإنسانية من خلال نشر شائعات حول المنظمات الدولية والمحلية، مما يعرض حياة العاملين في المجال الإنساني للخطر ويحرم المحتاجين من المساعدات الضرورية. وبهذا، لا تعد شبكات التضليل مجرد ناقل للأخبار، بل أصبحت طرفًا فاعلاً يغذي نيران الحرب ويزيد من عمق المأساة السودانية.





