مؤشر نيكي الياباني يتخلى عن قمته التاريخية مع إقبال المستثمرين على جني الأرباح
شهدت بورصة طوكيو في تداولات يوم الأربعاء تراجعاً ملحوظاً، حيث أغلق مؤشر نيكي 225 على انخفاض، متخلياً عن المستوى القياسي الذي كان قد بلغه في الجلسات الأخيرة. ويأتي هذا التراجع كنتيجة طبيعية لعمليات جني الأرباح المكثفة التي قام بها المستثمرون، بعد فترة من الصعود القوي الذي دفع المؤشر إلى تجاوز أعلى قمة له المسجلة منذ عقود.

خلفية الصعود التاريخي
قبل هذا التراجع، كان مؤشر نيكي يعيش فترة ازدهار لافتة، حيث نجح في تجاوز ذروته التاريخية التي سجلها في عام 1989 خلال حقبة الفقاعة الاقتصادية. وقد استند هذا الأداء القوي إلى مجموعة من العوامل الإيجابية التي عززت ثقة المستثمرين، المحليين والأجانب على حد سواء. من أبرز هذه العوامل:
- ضعف الين الياباني: ساهم انخفاض قيمة الين مقابل الدولار في تعزيز أرباح الشركات اليابانية الكبرى التي تعتمد على التصدير، مثل شركات صناعة السيارات والإلكترونيات، مما جعل أسهمها أكثر جاذبية.
- إصلاحات حوكمة الشركات: دفعت بورصة طوكيو الشركات المدرجة إلى تحسين هيكل رأس المال وزيادة العائد على حقوق المساهمين، وهي خطوات لاقت استحساناً كبيراً من المستثمرين الأجانب الذين زادوا من تدفقاتهم النقدية إلى السوق اليابانية.
- الأداء القوي للشركات: حققت العديد من الشركات اليابانية، خاصة في قطاع التكنولوجيا وأشباه الموصلات، أرباحاً فاقت التوقعات، مدعومة بالطلب العالمي القوي.
- استمرار السياسة النقدية التيسيرية: أبقى بنك اليابان على سياسته النقدية شديدة التيسير لفترة طويلة، بما في ذلك أسعار الفائدة السلبية، مما وفر بيئة داعمة لنمو أسعار الأسهم.
تفاصيل جلسة التراجع وأسبابها
جاءت عمليات البيع لجني الأرباح بعد أن وصل المؤشر إلى مستويات اعتبرها الكثيرون مشبعة بالشراء على المدى القصير. وبدأ المستثمرون في تأمين مكاسبهم وسط حالة من الترقب والحذر من التطورات المستقبلية. وكانت القطاعات التي قادت موجة الصعود، مثل أسهم التكنولوجيا والرقائق الإلكترونية، هي الأكثر تضرراً خلال جلسة التراجع.
ويعزى هذا التحول في معنويات السوق إلى عدة أسباب رئيسية:
- الوصول إلى حاجز نفسي: بعد تجاوز المؤشر لمستويات تاريخية، أصبح المستثمرون أكثر ميلاً للبيع عند أولى علامات التباطؤ لتأمين الأرباح المحققة.
- التوقعات بشأن سياسة بنك اليابان: تتزايد التكهنات في الأسواق بأن بنك اليابان قد يشرع قريباً في إنهاء سياسة أسعار الفائدة السلبية والخروج من سياسته النقدية فائقة التيسير. مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى ارتفاع قيمة الين، مما يؤثر سلباً على أرباح المصدرين ويضغط على سوق الأسهم.
- مؤشرات فنية: أظهرت بعض المؤشرات الفنية أن السوق في منطقة "ذروة الشراء"، مما حفز عمليات البيع التصحيحية.
النظرة المستقبلية وتأثير السوق
على الرغم من التراجع الأخير، يرى العديد من المحللين أن ما حدث هو حركة تصحيحية صحية وطبيعية بعد موجة صعود قوية، وليس بالضرورة بداية لاتجاه هبوطي طويل الأمد. وتظل العوامل الأساسية الداعمة للسوق الياباني، مثل تحسن أرباح الشركات والإصلاحات الهيكلية، قائمة.
ستظل أنظار المستثمرين موجهة في الفترة القادمة نحو اجتماع السياسة النقدية القادم لبنك اليابان وأي تلميحات قد تصدر عن مسؤوليه بشأن مستقبل أسعار الفائدة. كما ستلعب البيانات الاقتصادية العالمية ومسار أداء الأسواق الأمريكية دوراً مهماً في تحديد اتجاه مؤشر نيكي خلال الأسابيع المقبلة.





