ماذا كتب الرئيس السيسي في سجل الشرف للبرلمان الأوروبي خلال زيارته لبروكسل؟
في خطوة دبلوماسية لافتة خلال زيارته إلى العاصمة البلجيكية بروكسل في ديسمبر 2018، قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتدوين رسالة بخط يده في سجل الشرف الخاص بالبرلمان الأوروبي. جاءت هذه اللفتة في إطار لقاءات رفيعة المستوى تهدف إلى تعزيز العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، وحملت الرسالة دلالات سياسية هامة تعكس أولويات القاهرة في سياستها الخارجية آنذاك.

خلفية الزيارة وسياقها
لم تكن زيارة الرئيس السيسي لمقر البرلمان الأوروبي حدثًا منعزلًا، بل شكلت جزءًا من جولة أوروبية أوسع شملت مشاركته في منتدى أفريقيا-أوروبا عالي المستوى الذي عُقد في فيينا. وكان الهدف الرئيسي من محطته في بروكسل هو عقد مباحثات مع كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسهم رئيس البرلمان الأوروبي في ذلك الوقت، أنطونيو تاياني.
تركزت المباحثات الثنائية على مجموعة من الملفات الاستراتيجية ذات الاهتمام المشترك، والتي شكلت حجر الزاوية في الشراكة بين الجانبين. ومن أبرز هذه الملفات:
- مكافحة الإرهاب والتطرف: حيث تم التأكيد على ضرورة تضافر الجهود الدولية لمواجهة هذا التحدي العابر للحدود.
- الهجرة غير الشرعية: استعراض الجهود المصرية في تأمين حدودها البحرية والبرية لمنع تدفقات الهجرة إلى أوروبا.
- العلاقات الاقتصادية والتنموية: بحث سبل تعزيز الاستثمارات الأوروبية في مصر ودعم برامج التنمية المستدامة.
- الأوضاع الإقليمية: تبادل وجهات النظر حول الأزمات في المنطقة، وخصوصًا الوضع في ليبيا وسوريا وعملية السلام في الشرق الأوسط.
مضمون الرسالة المكتوبة بخط اليد
بعد انتهاء المباحثات الرسمية، قام الرئيس السيسي بتدوين كلمة في سجل كبار الزوار، والتي تُعتبر وثيقة رمزية تعبر عن الموقف الرسمي للدولة الزائرة. حملت رسالة الرئيس المصري في طياتها تأكيدًا على الركائز الأساسية التي تقوم عليها العلاقات المصرية-الأوروبية. وعبرت الكلمات عن اعتزاز الرئيس بزيارة هذا الصرح الديمقراطي الهام، مشيرًا إلى أنه يمثل إرادة الشعوب الأوروبية.
ركزت الرسالة بشكل أساسي على أهمية الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين مصر والاتحاد الأوروبي، ووصفتها بأنها علاقة مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. كما شددت على ضرورة العمل المشترك لمواجهة التحديات الجسيمة التي تواجه كلا الجانبين، وذكرت على وجه التحديد خطر الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وهي القضايا التي كانت تحتل صدارة الأجندة السياسية في تلك الفترة. واختتمت الرسالة بتمنيات صادقة لمستقبل يسوده السلام والازدهار لشعوب القارة الأوروبية.
دلالات وأهمية الرسالة
تكمن أهمية هذه الرسالة في كونها توثيقًا دبلوماسيًا للمبادئ التي تم التوافق عليها خلال الاجتماعات المغلقة. فعلى الرغم من أنها إجراء بروتوكولي معتاد، إلا أن اختيار الكلمات يعكس بعناية الرسائل السياسية التي أرادت القاهرة إيصالها. فمن خلال التركيز على "الشراكة" و"التحديات المشتركة"، سعت مصر إلى تقديم نفسها كحليف لا غنى عنه لأوروبا في مجالات الأمن والاستقرار الإقليمي.
كما جاءت الرسالة في وقت كانت فيه بعض الأصوات داخل البرلمان الأوروبي توجه انتقادات لملف حقوق الإنسان في مصر. لذلك، كان التأكيد على المصالح المشتركة، خاصة في ملفي الإرهاب والهجرة، بمثابة تذكير بالأهمية الاستراتيجية لمصر بالنسبة للأمن الأوروبي، وهو ما يمثل أولوية قصوى لدول الاتحاد. وبذلك، كانت الرسالة جزءًا من جهد دبلوماسي أوسع لتوطيد العلاقات على أسس عملية تركز على التعاون الأمني والاقتصادي.





