ماكينات مياه ذكية في المتحف الكبير: خطوة نحو الاستدامة وتحسين تجربة الزوار
في خطوة تعكس الاهتمام بأدق تفاصيل تجربة الزوار، وضمن الاستعدادات المكثفة التي سبقت التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير، تم تزويد ردهات المتحف بمجموعة من ماكينات المياه الذكية التي لاقت استحسانًا كبيرًا من الزوار خلال الفترات الأولى للتشغيل المحدود. هذه المبادرة، التي تم تسليط الضوء عليها في أواخر عام 2022 ومطلع 2023، لا تمثل مجرد إضافة خدمية، بل هي جزء من رؤية متكاملة تهدف إلى جعل المتحف صرحًا عالميًا يجمع بين عظمة التاريخ وأحدث التقنيات العصرية الصديقة للبيئة.

تفاصيل التقنية الجديدة
تُعرف هذه الأجهزة بأنها أكثر من مجرد مبردات مياه تقليدية. فقد تم تصميمها لتوفر تجربة صحية ومستدامة، حيث تعتمد على أنظمة تنقية متطورة لضمان جودة المياه المقدمة للجمهور. ومن أبرز مميزاتها أنها تتيح للزوار إعادة ملء زجاجات المياه الخاصة بهم بسهولة، مما يشجع على تقليل استهلاك العبوات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وهو توجه عالمي تتبناه كبرى المؤسسات الثقافية والسياحية حول العالم. كما أن العديد من هذه الماكينات يعمل بتقنية عدم التلامس (touchless)، مما يعزز معايير الصحة والسلامة للزوار، خاصة في ظل تزايد الوعي بأهمية النظافة العامة.
تم تنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع شركات متخصصة في حلول المياه المستدامة، مثل شركة Watera، التي وفرت هذه الوحدات المصممة لتتناسب مع الهوية البصرية والفخامة المعمارية للمتحف. وتنتشر هذه الماكينات في نقاط استراتيجية داخل أروقة المتحف وقاعاته المختلفة، لتكون في متناول الجميع، وتوفر مياهًا باردة ونقية بشكل مستمر طوال ساعات الزيارة.
الأهمية والسياق الأوسع
تأتي أهمية هذه المبادرة من كونها جزءًا من منظومة الخدمات المتكاملة التي يسعى المتحف المصري الكبير لتقديمها. فالمشروع، الذي يُطلق عليه أحيانًا لقب "الهرم الرابع"، لا يهدف فقط إلى عرض كنوز الحضارة المصرية القديمة، وعلى رأسها مجموعة الملك توت عنخ آمون الكاملة، بل يطمح أيضًا إلى أن يصبح وجهة سياحية وثقافية عالمية المستوى تقدم تجربة زيارة استثنائية من كافة النواحي. إن الاهتمام بتفاصيل مثل توفير مياه شرب نظيفة بطريقة ذكية ومستدامة يرسخ هذه الصورة الذهنية لدى الزائر المحلي والأجنبي على حد سواء.
علاوة على ذلك، تتماشى هذه الخطوة مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، التي تركز على التحول نحو الاقتصاد الأخضر والحفاظ على الموارد البيئية. فمن خلال تشجيع الزوار على استخدام زجاجات قابلة لإعادة الاستخدام، يساهم المتحف بشكل عملي في الحد من النفايات البلاستيكية، ويقدم نموذجًا يُحتذى به في إدارة المرافق السياحية الكبرى في مصر والمنطقة.
انعكاسات على تجربة الزائر
أبدى الزوار الذين حالفهم الحظ بزيارة المتحف خلال فترة التشغيل التجريبي إعجابهم بهذه الإضافة النوعية. وقد تم تداول مقاطع فيديو وصور عبر منصات التواصل الاجتماعي تظهر هذه الماكينات وكيفية استخدامها، مع تعليقات إيجابية تشيد بمستوى التطور والاهتمام براحة الجمهور. ففي ظل المساحات الشاسعة للمتحف والوقت الطويل الذي قد يقضيه الزائر في التجول بين قاعاته، يصبح الحصول على مياه شرب بسهولة ضرورة ملحة. وتقديم هذه الخدمة بشكل مجاني وعصري يعزز من رضا الزوار ويجعل تجربتهم أكثر سلاسة وراحة.
تؤكد هذه التفاصيل الصغيرة، مثل ماكينات المياه الذكية، على أن عملية تطوير المتحف المصري الكبير لم تقتصر على الجوانب الأثرية والمعمارية فحسب، بل شملت كل عنصر يمكن أن يؤثر في انطباع الزائر النهائي، لتكتمل بذلك صورة الصرح الحضاري المتكامل الذي طال انتظاره.





