مباحثات مصرية لتعزيز توطين صناعة الإلكترونيات باستثمارات دولية
شهدت الساحة الاقتصادية والتكنولوجية المصرية مؤخراً حراكاً نشطاً يهدف إلى تعزيز القدرات المحلية في مجال تصنيع الإلكترونيات، وذلك من خلال استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة وبناء شراكات استراتيجية. في هذا السياق، عقد الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، خلال زيارة حديثة له إلى العاصمة الفيتنامية هانوي، سلسلة من اللقاءات المثمرة مع مسؤولين رفيعي المستوى من شركات عالمية رائدة تعمل في قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات. تهدف هذه المباحثات إلى استكشاف سبل التعاون المشترك وفرص الاستثمار المتاحة في السوق المصري، بما يدعم رؤية الدولة في توطين الصناعة وزيادة المحتوى المحلي.

خلفية استراتيجية: مبادرة "مصر تصنع الإلكترونيات"
تأتي هذه الجهود في إطار استراتيجية "مصر الرقمية" الشاملة، التي تولي اهتماماً خاصاً لتنمية وتوطين صناعة الإلكترونيات كركيزة أساسية للتحول الرقمي والاقتصادي. وقد أطلقت الحكومة المصرية مبادرة طموحة بعنوان "مصر تصنع الإلكترونيات" (Egypt Makes Electronics - EME)، بهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمي وعالمي لتصميم وتصنيع الإلكترونيات. تسعى هذه المبادرة إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، منها:
- زيادة المحتوى المحلي: تقليل الاعتماد على استيراد المنتجات الإلكترونية النهائية والمكونات.
- خلق فرص عمل: توفير الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، خاصة للشباب المؤهل.
- جذب الاستثمارات: استقطاب الشركات العالمية للاستثمار في مصانع التصنيع والبحث والتطوير.
- نقل التكنولوجيا: تعزيز نقل المعرفة والخبرات التكنولوجية المتطورة إلى الكوادر المصرية.
- تنمية الصادرات: زيادة حجم الصادرات المصرية من المنتجات الإلكترونية ذات القيمة المضافة.
- بناء القدرات: تطوير الكفاءات والمهارات المحلية في مجالات تصميم وتصنيع وصيانة الإلكترونيات.
تدرك الحكومة أن هذا القطاع يمثل محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي، حيث يساهم في بناء اقتصاد معرفي متنوع ومستدام، ويقلل من فاتورة الاستيراد، ويحسن الميزان التجاري للبلاد.
تفاصيل اللقاءات والتوجهات المستقبلية
أكدت اللقاءات التي عقدها وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على اهتمام مصر البالغ بجذب استثمارات نوعية في مجالات تصنيع أشباه الموصلات، والأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، والمعدات الصناعية، ومكونات الاتصالات. وقد حضر هذه المباحثات السفير هاني مصطفى، سفير جمهورية مصر العربية بجمهورية فيتنام، مما يعكس الدعم الدبلوماسي والرسمي لهذه المساعي الاستثمارية. ناقشت اللقاءات التسهيلات والحوافز التي تقدمها الحكومة المصرية للمستثمرين في هذا القطاع، مثل الإعفاءات الضريبية، وتخصيص الأراضي الصناعية، وتوفير العمالة المدربة من خلال برامج متخصصة. كما تم تسليط الضوء على الميزات التنافسية لمصر كمركز تصنيعي، بما في ذلك موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يتيح الوصول إلى أسواق إقليمية وعالمية واسعة، بالإضافة إلى الكثافة السكانية الكبيرة التي توفر سوقاً استهلاكياً ضخماً ويداً عاملة وفيرة.
الأهمية الاقتصادية والتكنولوجية
تعتبر هذه المباحثات خطوة حاسمة نحو تحقيق طموحات مصر في بناء قاعدة صناعية إلكترونية قوية. فجذب استثمارات عالمية في هذا المجال لا يقتصر أثره على الجانب الاقتصادي المتمثل في خلق فرص عمل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، بل يمتد ليشمل أبعاداً تكنولوجية واجتماعية عميقة. ستساهم هذه الاستثمارات في:
- تعزيز الابتكار: تحفيز البحث والتطوير المحلي وتأسيس بيئة داعمة للابتكار في مجال الإلكترونيات.
- تطوير الكفاءات: رفع مستوى الخبرات والمهارات التقنية لدى المهندسين والفنيين المصريين من خلال التعاون مع الشركات العالمية.
- الأمن التكنولوجي: بناء قدرات محلية تضمن استقلالية مصر في توفير احتياجاتها من الأجهزة والمكونات الإلكترونية الحيوية.
- التكامل الإقليمي: تمكين مصر من لعب دور محوري في سلاسل الإمداد العالمية والإقليمية لقطاع الإلكترونيات.
إن إقامة شراكات مع شركات عالمية يفتح آفاقاً جديدة أمام السوق المصري، ويؤكد التزام الدولة بتوفير بيئة جاذبة للاستثمار قادرة على تحقيق النمو المستدام والتحول التكنولوجي المنشود.





