محمود حامد يكشف رحلته الفنية: من الفيوم إلى احتراف القاهرة وأسرار الخشب والرموز
في زيارة خاصة أجرتها صحيفة اليوم السابع مؤخرًا لمرسم الفنان محمود حامد الخاص، كشف الأخير عن جوانب عميقة من مسيرته الفنية الثرية، مقدمًا لمحة غير مسبوقة عن تجربته الممتدة من بواكيرها في قصر ثقافة الفيوم وصولًا إلى عالم الاحتراف الفني في القاهرة. يمثل هذا التقرير فرصة للتعرف عن كثب على المنهج الإبداعي لحامد، وفلسفته التي تقوم على الصبر والتجريب، وتأكيده أن الموهبة وحدها لا تكفي لبلوغ القمة الفنية.

رحلة فنية من الفيوم إلى احتراف القاهرة
بدأت رحلة محمود حامد الفنية من مسقط رأسه بمحافظة الفيوم، حيث تشكلت أولى ملامح موهبته في قصر ثقافة الفيوم. كانت هذه الفترة بمثابة الحاضنة التي احتضنت بداياته، وشهدت صقل مهاراته الأساسية وتكوين رؤيته الفنية الأولية. يرى حامد أن هذه المرحلة كانت حاسمة في بناء أسسه الفنية، حيث أتاحت له فرصة التجريب والتعلم في بيئة داعمة، بعيدًا عن ضغوط الاحتراف التجاري. ومع نضوج تجربته، اتجه حامد نحو العاصمة القاهرة، سعيًا لتوسيع آفاقه والاندماج في المشهد الفني الأوسع. لم يكن الانتقال سهلاً، بل تطلب جهدًا ومثابرة لدخول أبواب الاحتراف، حيث تتسم الساحة الفنية في القاهرة بالتنافسية الشديدة وتتطلب مستويات عالية من الإتقان والتميز. وقد نجح حامد في تجاوز هذه التحديات، ليثبت مكانته كفنان يحظى بالتقدير في الأوساط الفنية.
أسرار الإبداع: الخشب والرموز
يكشف محمود حامد أن الخشب والرموز يشكلان جزءًا لا يتجزأ من أسراره الفنية وعلامته المميزة. فالخشب، كمادة طبيعية، يمنحه مساحة واسعة للتعبير عن العمق والدفء، ويسمح له بتجسيد أفكاره بطريقة عضوية وحيوية. إن تعامله مع الخشب ليس مجرد استخدام لمادة خام، بل هو حوار بين الفنان ومادته، حيث يستكشف فيه نسيجها وخطوطها الطبيعية ليوظفها في خدمة رؤيته الفنية. أما الرموز، فتعد لغة بصرية غنية يستخدمها حامد لإضافة طبقات من المعنى إلى أعماله. هذه الرموز غالبًا ما تكون مستوحاة من التراث الثقافي المصري، أو من تجاربه الشخصية، أو من ملاحظاته للعالم المحيط به. من خلال دمج الخشب والرموز، يخلق حامد أعمالًا فنية ليست مجرد أشكال جمالية، بل هي نصوص بصرية تدعو المتلقي للتأمل والتفكير في معانيها المتعددة، مما يضفي على فنه عمقًا فلسفيًا فريدًا.
فلسفة الفن عند محمود حامد
يؤمن محمود حامد إيمانًا راسخًا بأن الفن ليس مجرد موهبة فطرية، بل هو مسيرة تتطلب الكثير من الصبر والتجريب المستمر. وقد صرح خلال اللقاء بأن "الفن يحتاج صبرًا وتجريبًا والموهبة وحدها لا تكفي". هذه الفلسفة تعكس فهمه العميق لطبيعة العمل الإبداعي، حيث يرى أن الموهبة، على الرغم من أهميتها كشرارة أولية، تحتاج إلى رعاية وتنمية من خلال العمل الجاد والمثابرة. فالصبر يمكن الفنان من تجاوز الإحباطات والتحديات التي يواجهها أثناء عملية الخلق، بينما التجريب المستمر يدفع به نحو اكتشاف تقنيات جديدة وأساليب مبتكرة، مما يساهم في تطور أسلوبه الفني وتعميق رؤيته. هذه الرؤية تؤكد أن الاحتراف الحقيقي في الفن لا يأتي بمجرد امتلاك الموهبة، بل هو نتاج جهد متواصل وتفانٍ في البحث والتطوير، مما يجعل من كل قطعة فنية لديه خلاصة لتجربة عميقة ومجهود متراكم.
تعكس تجربة محمود حامد الفنية نموذجًا يحتذى به للفنانين الطموحين، فهي قصة إصرار ومثابرة وشغف عميق بالفن. من خلال سرد تفاصيل رحلته وتقديم رؤيته الفلسفية لأسرار فنه، يقدم حامد إلهامًا بأن النجاح الفني هو ثمرة جهد دؤوب، وتفاعل مستمر مع المواد، وفهم عميق لدور الرمز في إثراء المحتوى البصري. وتبرز أهمية هذه المقابلة في تسليط الضوء على فنان مصري يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويقدم إضافة نوعية للمشهد الثقافي والفني.





