مسؤول أمريكي يبحث في بغداد ملف الفصائل والنفوذ الإيراني مع السوداني
في زيارة رسمية إلى العاصمة العراقية بغداد جرت مؤخراً، التقى مسؤول رفيع في مجلس الأمن القومي الأمريكي، كريس سافايا، برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني. وقد تمحور اللقاء حول التحديات الأمنية التي تواجه العراق، وعلى رأسها قضية حصر السلاح بيد الدولة، والتعامل مع نفوذ الفصائل المسلحة التي تعمل خارج الإطار الرسمي للدولة، إضافة إلى مناقشة العلاقات الثنائية بين واشنطن وبغداد.

تفاصيل الزيارة ومحاور النقاش
شكلت المباحثات بين سافايا والسوداني تأكيداً على موقف الولايات المتحدة الثابت بضرورة أن تكون جميع القوى المسلحة في العراق خاضعة بالكامل لسلطة الدولة وقيادة القائد العام للقوات المسلحة، المتمثل في رئيس الوزراء. ووفقاً لمصادر مطلعة، شدد الوفد الأمريكي على أن استقرار العراق وسيادته الكاملة يعتمدان بشكل أساسي على قدرة الحكومة على بسط سيطرتها على كامل أراضيها ومنع أي جماعات من العمل خارج منظومتها الأمنية الرسمية.
كما تناولت المباحثات ملف النفوذ الإيراني في العراق، والذي تعتبره واشنطن عاملاً مؤثراً في المشهد الأمني والسياسي. وتنظر الإدارة الأمريكية إلى أنشطة بعض الفصائل المسلحة المدعومة من طهران على أنها تقوض مؤسسات الدولة العراقية وتهدد استقرار المنطقة، خاصة في ظل استهدافها المتكرر لمصالح أمريكية وقوات التحالف الدولي في السابق.
خلفية وتحديات معقدة
تأتي هذه الزيارة في سياق حساس تواجهه حكومة السوداني، التي تسعى إلى تحقيق توازن دقيق في علاقاتها بين حليفتيها الرئيسيتين، الولايات المتحدة وإيران. فمن ناحية، يعتمد العراق على الدعم الأمريكي في مجالات متعددة مثل التدريب العسكري ومكافحة الإرهاب، ومن ناحية أخرى، تمتلك القوى السياسية والفصائل المسلحة المقربة من إيران نفوذاً كبيراً في المشهد السياسي العراقي، وهي جزء أساسي من الائتلاف الحكومي الحاكم.
ويعد ملف دمج الفصائل المسلحة بالكامل في القوات الأمنية الرسمية أو نزع سلاحها أحد أكبر التحديات التي واجهت الحكومات العراقية المتعاقبة. فعلى الرغم من أن قانون هيئة الحشد الشعبي يضع هذه القوات نظرياً تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة، إلا أن العديد من الفصائل لا تزال تحتفظ بهياكل قيادة وسيطرة شبه مستقلة وولاءات خارجية، مما يخلق وضعاً معقداً للدولة العراقية.
المواقف الرسمية والأهمية الاستراتيجية
أكد مكتب رئيس الوزراء العراقي في بيان رسمي صدر عقب اللقاء على التزام الحكومة بتنفيذ برنامجها الهادف إلى تعزيز سلطة الدولة وسيادة القانون على كافة الأراضي العراقية. وأشار البيان إلى أن المباحثات تطرقت إلى سبل تطوير العلاقة بين البلدين في مختلف المجالات، وذلك في إطار اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بينهما، مع التشديد على مبدأ الاحترام المتبادل للسيادة.
تكتسب هذه الزيارة أهميتها كونها تعكس استمرار اهتمام واشنطن بالملف الأمني العراقي، وتحديداً قضية الفصائل المسلحة. كما أنها تضع حكومة السوداني أمام اختبار حقيقي لمدى جديتها وقدرتها على ترجمة وعودها بتعزيز سلطة الدولة إلى إجراءات عملية على الأرض، وهو ما يعتبره المراقبون شرطاً أساسياً لتحقيق الاستقرار المستدام في البلاد.





