ناصر الخليفي يرحب بعودة لابورتا إلى الصف الأوروبي ويؤكد: كرة القدم القارية عصية على الهزيمة
في تطور يعكس توحد جبهة الأندية الأوروبية الكبرى ضد مشاريع الانفصال، رحّب ناصر الخليفي، رئيس نادي باريس سان جيرمان ورئيس رابطة الأندية الأوروبية (ECA)، مؤخراً بعودة جوان لابورتا، رئيس نادي برشلونة، إلى الصف الموحد للمؤسسات الكروية القارية. جاء هذا الترحيب مصحوباً بتصريحات قوية أكد فيها الخليفي على قوة وتماسك كرة القدم الأوروبية، مشدداً على أنه لا يوجد كيان قادر على هزيمتها أو المساس بوحدتها وتراثها.

هذا الإعلان ليس مجرد تصريح عابر، بل يحمل دلالات عميقة في سياق الصراع المستمر حول مستقبل كرة القدم الأوروبية، وخاصة بعد المحاولات المتكررة لإحياء مشروع دوري السوبر الأوروبي. يُنظر إلى موقف لابورتا، الذي كان ناديه برشلونة أحد الأندية القليلة التي بقيت على ارتباط مباشر بالمشروع، كخطوة إيجابية نحو تعزيز وحدة الأندية تحت مظلة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA) ورابطة الأندية الأوروبية.
خلفية الأزمة: ميلاد وانهيار دوري السوبر الأوروبي
تعود جذور هذه التوترات إلى أبريل 2021، عندما أعلنت 12 من أكبر أندية كرة القدم في أوروبا، من بينها برشلونة وريال مدريد ويوفنتوس ومانشستر يونايتد وليفربول، عن نيتها إطلاق "دوري السوبر الأوروبي" (ESL). كان الهدف المعلن هو إنشاء مسابقة نخبوية شبه مغلقة، تضمن للأندية المؤسسة مشاركة دائمة وعائدات مالية ضخمة، بعيداً عن نظام الصعود والهبوط الذي يميز الدوريات المحلية وتصفيات البطولات الأوروبية الحالية مثل دوري أبطال أوروبا.
قوبل الإعلان بموجة غضب عارمة وغير مسبوقة من قبل الجماهير والاتحادات الكروية الوطنية والقارية، وحتى الحكومات. اعتبر النقاد أن المشروع يمثل انقلاباً على مبادئ الجدارة الرياضية والتكافل الكروي، وتهديداً مباشراً للدوريات المحلية. لم يمضِ سوى أيام قليلة حتى بدأت معظم الأندية المؤسسة بالانسحاب من المشروع تحت وطأة الضغوط الجماهيرية والسياسية، لينهار دوري السوبر الأوروبي في شكله الأصلي بشكل شبه كامل، تاركاً ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس (الذي انسحب لاحقاً) كأبرز المدافعين عنه.
عودة لابورتا وتداعياتها
لطالما كان موقف برشلونة بقيادة جوان لابورتا من دوري السوبر الأوروبي معقداً. ففي حين أن النادي كان من الأندية المؤسسة، أصر لابورتا على أن مشاركة النادي مشروطة بموافقة أعضائه (السوسيوس)، وهو ما لم يتم بشكل قاطع وسط الجدل. هذا الموقف أبقى برشلونة في منطقة رمادية، بعيداً عن الانسحاب التام الذي أعلنته معظم الأندية، ولكنه لم يلتزم بالكامل بالمشروع المعاد إحياؤه بواسطة شركة A22 Sports Management.
ترحيب الخليفي بلابورتا يعني أن هناك تقارباً واضحاً حدث، وأن برشلونة يتجه بشكل متزايد نحو إعادة ترسيخ مكانته ضمن الإطار التقليدي لكرة القدم الأوروبية، ممثلاً برابطة الأندية الأوروبية والاتحاد الأوروبي لكرة القدم. يُعزز هذا التقارب من جبهة الرافضين لدوري السوبر الأوروبي، ويُضعف حجج مؤيديه الذين طالما أشاروا إلى دعم أندية كبرى مثل برشلونة.
تصريحات الخليفي لم تقتصر على الترحيب، بل كانت هجوماً صريحاً على أي محاولات لتقويض النظام الحالي، مؤكداً أن "لا أحد يستطيع هزيمة كرة القدم الأوروبية". هذا التأكيد يأتي من موقع قوة، حيث أن الخليفي، بصفته رئيساً لنادي باريس سان جيرمان (الذي لم ينضم قط لدوري السوبر) ورئيساً لرابطة الأندية الأوروبية، يُعد أحد أبرز المدافعين عن الوضع الراهن والمصالح المشتركة للأندية تحت مظلة UEFA.
الصراع المستمر على مستقبل كرة القدم
على الرغم من الانهيار الأولي لدوري السوبر الأوروبي، لم يتوقف القائمون عليه، وبخاصة شركة A22 Sports Management، عن محاولة إحيائه في صيغ مختلفة. وقد تلقى هؤلاء دفعة معنوية في ديسمبر 2023، عندما أصدرت محكمة العدل الأوروبية (ECJ) حكماً مفاده أن قواعد UEFA وFIFA التي تمنع الأندية من تشكيل مسابقات جديدة وتفرض عقوبات عليها، تتعارض مع قوانين المنافسة الأوروبية. ومع ذلك، لم يمنح هذا الحكم الضوء الأخضر لدوري السوبر نفسه، بل أكد على ضرورة وجود إطار قانوني عادل وشفاف.
في أعقاب حكم المحكمة، كشفت A22 عن مقترحات جديدة لدوري السوبر الأوروبي، تتضمن دورياً مفتوحاً بمشاركة عدد أكبر من الأندية ونظام صعود وهبوط، في محاولة لمعالجة الانتقادات الموجهة للنسخة الأصلية. ومع ذلك، لم تلقَ هذه المقترحات ترحيباً واسعاً من غالبية الأندية الكبرى، التي لا تزال ملتزمة ببطولات UEFA.
أهمية الحدث وتأثيره
إن ترحيب ناصر الخليفي بعودة جوان لابورتا إلى الصف الأوروبي الموحد يعكس عدة نقاط أساسية:
- تعزيز الوحدة: يُرسخ هذا التطور من وحدة جبهة الأندية الأوروبية في مواجهة مشاريع الانفصال، ويقلل من عدد الأندية الكبرى التي يمكن أن تدعم دوري السوبر.
- إضعاف السوبر ليغ: كلما زاد عدد الأندية الكبرى التي تنسحب أو تعيد الاصطفاف مع الهيكل الحالي، كلما تضاءلت فرص نجاح دوري السوبر الأوروبي في جذب الاهتمام والدعم الكافي.
- رسالة واضحة: يبعث هذا الموقف برسالة واضحة للمحاولين إحياء مشاريع المنافسة المستقلة بأن الإجماع الأوروبي يميل بقوة نحو الحفاظ على الهيكل الحالي للعبة، مع السعي لإصلاحه من الداخل بدلاً من تفكيكه.
- استقرار رياضي: يساهم هذا التوافق في استقرار المشهد الكروي الأوروبي ويقلل من حالة عدم اليقين التي صاحبت الجدل حول دوري السوبر، مما يسمح بالتركيز على تطوير البطولات الحالية وتحسينها.
الخاتمة
يُعد الترحيب الحار من رئيس رابطة الأندية الأوروبية بعودة برشلونة بقيادة لابورتا بمثابة لحظة محورية في الصراع المستمر على روح ومستقبل كرة القدم الأوروبية. في الوقت الذي تستمر فيه المحاولات لإعادة إطلاق دوري السوبر الأوروبي، فإن هذا التطور يشير بوضوح إلى أن الغالبية العظمى من اللاعبين الرئيسيين في كرة القدم القارية، بما في ذلك الأندية الكبرى، ملتزمون بالحفاظ على الوحدة والتكافل الرياضي، مما يؤكد على أن "كرة القدم القارية عصية على الهزيمة".




