في وقت سابق من هذا الأسبوع، وفي حفل افتتاح الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي الدولي الذي شهد حضورًا لافتًا لعدد كبير من نجوم الفن وصناع السينما، ألقى المهندس نجيب ساويرس، مؤسس المهرجان، كلمة مؤثرة شدد فيها على الدور المتنامي للمهرجان وأهمية السينما. فقد أكد ساويرس أن مهرجان الجونة قد تجاوز كونه مجرد حدث فني ليصبح منارة ثقافية حقيقية، مشيرًا إلى أن السينما هي أكثر من مجرد فن، بل هي وسيلة للتعبير عن الإنسانية والتفاعل مع قضاياها المعقدة. وتأتي هذه التصريحات لتؤكد الرؤية الأساسية التي يقوم عليها المهرجان منذ انطلاقته، والتي تتلخص في شعاره الدائم «سينما من أجل الإنسانية».

خلفية مهرجان الجونة السينمائي
تأسس مهرجان الجونة السينمائي الدولي في عام 2017 على يد عائلة ساويرس، وبالتحديد المهندس نجيب ساويرس وشقيقه المهندس سميح ساويرس، بمبادرة من السيدة بشرى رزة، بهدف رئيسي هو دعم وتطوير صناعة السينما في مصر والمنطقة العربية، وتقديم منصة دولية للأفلام المتميزة. منذ دورته الأولى، سعى المهرجان إلى أن يكون جسرًا يربط السينما العربية بالعالمية، وأن يعرض أعمالًا فنية ذات جودة عالية تتناول قضايا إنسانية واجتماعية وثقافية متنوعة. لم يكن الهدف مقتصرًا على الترفيه فحسب، بل امتد ليشمل تشجيع الحوار والنقاشات البناءة حول السينما ودورها في المجتمع.
على مدار الدورات السابقة، نجح المهرجان في ترسيخ مكانته كواحد من أبرز الفعاليات السينمائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مستقطبًا مخرجين ومنتجين ونجومًا عالميين ومحليين. كما أصبح المهرجان وجهة لعرض الأفلام الأولى وحفل توزيع الجوائز التي تكرم المواهب السينمائية. وقد شهدت الدورات الماضية إطلاق العديد من المبادرات لدعم صناعة الأفلام، مثل «منصة الجونة السينمائية» التي توفر فرصًا لتمويل وتطوير المشاريع السينمائية، مما يؤكد التزام المهرجان بتعزيز البنية التحتية للسينما.
تصريحات ساويرس ودلالاتها
تعكس كلمات المهندس نجيب ساويرس، بأن المهرجان أصبح «منارة ثقافية»، رؤية أعمق لدور الفن في المجتمع. فالمنارة في حد ذاتها ترمز إلى التوجيه والإرشاد، وهو ما يسعى المهرجان لتقديمه عبر محتواه الفني وبرامجه الثقافية المتنوعة. فالمهرجان لا يقتصر على عروض الأفلام، بل يمتد ليشمل ورش عمل، ندوات، ومحاضرات تجمع صناع السينما والجمهور، مما يخلق بيئة خصبة لتبادل الأفكار والخبرات. هذه البيئة تساهم في تثقيف الجمهور حول الفن السينمائي وأبعاده المختلفة، وتفتح آفاقًا جديدة للمواهب الشابة.
أما تأكيده بأن «السينما أكثر من مجرد فن»، فيسلط الضوء على القدرة الهائلة للسينما في تجاوز حدود الترفيه لتكون أداة قوية للتغيير الاجتماعي والتوعية. فالأفلام غالبًا ما تكون مرآة تعكس الواقع، وتثير الأسئلة حول القضايا الملحة مثل العدالة الاجتماعية، حقوق الإنسان، البيئة، والصراعات الثقافية. من خلال هذه القصص المصورة، يمكن للسينما أن تلامس القلوب وتغير العقليات وتلهم الأفراد نحو العمل الإيجابي. كما أن للسينما دورًا اقتصاديًا مهمًا، حيث تخلق فرص عمل وتساهم في التنمية الثقافية والصناعية.
تأثير المهرجان على الصناعة والثقافة
لعب مهرجان الجونة السينمائي دورًا محوريًا في دعم وتنشيط صناعة السينما المصرية والعربية. فمن خلال تقديم منصة لعرض الأفلام المستقلة ودعم المواهب الناشئة، ساهم المهرجان في إثراء المشهد السينمائي وتنوعه. كما أنه يوفر فرصة للمخرجين والمنتجين للالتقاء بجهات التمويل والموزعين الدوليين، مما يفتح الأبواب أمام الأفلام العربية للوصول إلى جمهور أوسع على الصعيد العالمي.
من الناحية الثقافية، يعد المهرجان مساحة فريدة للتبادل الثقافي بين مصر والعالم. فاستضافته لعدد كبير من صناع السينما من مختلف الجنسيات، وعرضه لأفلام تمثل ثقافات متنوعة، يعزز من التفاهم المتبادل والانفتاح على الآخر. إضافة إلى ذلك، يساهم المهرجان في الترويج لمدينة الجونة كوجهة سياحية وثقافية متميزة، مما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي ويزيد من جاذبية المنطقة.
الدورة الثامنة: آفاق جديدة
تستكمل الدورة الثامنة من مهرجان الجونة السينمائي مسيرة النجاح، وتسعى لتقديم تجربة غنية ومتكاملة لجمهورها وصناع السينما. مع التركيز المتجدد على شعار «سينما من أجل الإنسانية»، يتوقع أن تعرض هذه الدورة مجموعة مختارة من الأفلام التي تحمل رسائل قوية وتلامس الوجدان. من المرجح أن تشهد الدورة اهتمامًا خاصًا بالأفلام التي تسلط الضوء على القضايا المجتمعية الراهنة، وتقدم حلولًا أو رؤى جديدة للتحديات التي تواجه البشرية.
يستمر المهرجان في تطوير برامجه وفعالياته ليقدم كل ما هو جديد ومبتكر في عالم السينما، مؤكدًا على التزامه بتعزيز دور الفن كقوة للتغيير الإيجابي والتنوير. تبقى تصريحات نجيب ساويرس تذكيرًا بأن المهرجان ليس مجرد احتفال بالنجوم والأضواء، بل هو مساحة للتفكير والتأمل والاحتفاء بقدرة السينما على بناء الجسور الثقافية والإنسانية.





