هجوم بطائرة مسيرة يستهدف البنية التحتية الحيوية للكهرباء والمياه في السودان
في تطور ميداني خطير يعكس اتساع رقعة الصراع في السودان، تعرضت منشآت حيوية للكهرباء والمياه في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى لأضرار بالغة نتيجة هجمات نفذت بطائرات مسيرة. وقد أدت هذه الهجمات، التي وقعت في سياق القتال المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إلى تفاقم الأزمة الإنسانية من خلال قطع إمدادات أساسية عن ملايين السكان المدنيين.

تفاصيل الهجمات والأضرار
تركزت الهجمات الأخيرة على بنى تحتية لا غنى عنها للحياة اليومية، أبرزها محطة بحري الحرارية لتوليد الكهرباء ومحطة مياه المنارة في أم درمان، وهما من أكبر المنشآت التي تخدم العاصمة المثلثة. وبحسب تقارير ميدانية وبيانات صادرة عن الجهات الحكومية، أسفر القصف عن تدمير أجزاء رئيسية من هذه المحطات، بما في ذلك محولات وغرف تحكم وخطوط نقل رئيسية، مما أدى إلى خروجها عن الخدمة بشكل شبه كامل.
أدت هذه الأضرار إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة في الخرطوم والولايات المجاورة، بالإضافة إلى توقف ضخ المياه الصالحة للشرب لملايين المواطنين الذين يعانون أصلاً من ظروف معيشية قاسية جراء الحرب. وأشارت السلطات الفنية إلى أن حجم الدمار كبير ومعقد، وأن عمليات الإصلاح ستكون صعبة ومكلفة وتتطلب وقتاً طويلاً في ظل الظروف الأمنية الراهنة.
خلفية الصراع وتصاعد استهداف البنية التحتية
اندلع الصراع الحالي في السودان في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي". ومع استمرار القتال، تحولت استراتيجية الطرفين بشكل متزايد نحو استهداف البنية التحتية الحيوية كوسيلة لشل قدرات الطرف الآخر والضغط عليه عسكرياً وسياسياً.
يعتبر الخبراء أن تدمير هذه المنشآت يمثل تكتيكاً خطيراً يهدف إلى خلق حالة من الفوضى وانهيار الخدمات الأساسية، مما يزيد من معاناة المدنيين ويجعل المناطق المتضررة غير قابلة للحياة. ويشكل هذا النهج انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر استهداف الأعيان المدنية التي لا غنى عنها لبقاء السكان.
التداعيات الإنسانية والآثار بعيدة المدى
تتجاوز آثار تدمير محطات الكهرباء والمياه مجرد انقطاع الخدمات، لتشمل تداعيات إنسانية واقتصادية وخيمة. فبدون كهرباء، تتوقف المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل بشكل فعال، مما يعرض حياة المرضى للخطر، خاصة في أقسام العناية المركزة وحاضنات الأطفال. كما يؤثر انقطاع الكهرباء على حفظ الأدوية والأغذية ويزيد من صعوبة الحياة اليومية.
أما نقص المياه النظيفة، فيفتح الباب أمام تفشي الأمراض المنقولة عبر المياه مثل الكوليرا والإسهال، والتي سجلت بالفعل حالات تفشٍ في عدة مناطق سودانية منذ بدء النزاع. وتتمثل أبرز الآثار في:
- زيادة المخاطر الصحية: تفاقم الأوضاع في المستشفيات وانتشار الأوبئة.
- توقف الأنشطة الاقتصادية: تأثر المصانع والورش والأسواق التي تعتمد على الكهرباء والمياه.
- تفاقم أزمة النزوح: اضطرار المزيد من السكان إلى مغادرة منازلهم بحثاً عن الخدمات الأساسية.
- صعوبة وصول المساعدات: تعقيد عمليات الإغاثة الإنسانية التي تحتاج إلى بنية تحتية فاعلة.
تبادل الاتهامات والموقف الدولي
كالعادة في هذا الصراع، تبادل كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الاتهامات بالمسؤولية عن الهجمات. حيث اتهمت السلطات الحكومية والجيش قوات الدعم السريع بشن هجمات "ممنهجة" لتدمير البنية التحتية للدولة بهدف إخضاع المدنيين. في المقابل، نفت قوات الدعم السريع هذه الاتهامات في بيانات متفرقة، وألقت باللوم على الجيش في قصف مناطق مأهولة بالسكان والتسبب في دمار المنشآت.
على الصعيد الدولي، أعربت منظمات الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية عن قلقها البالغ إزاء استهداف المرافق الحيوية، مؤكدة أن مثل هذه الأعمال تزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية وتعيق جهود الإغاثة. وتستمر الدعوات الدولية للطرفين المتحاربين بضرورة تحييد المدنيين والبنية التحتية المدنية عن الصراع والالتزام بقواعد القانون الدولي.




