هدوء حذر يسود الحدود الأفغانية الباكستانية بعد مواجهات دامية
عاد الهدوء الحذر مؤخراً إلى منطقة الحدود بين أفغانستان وباكستان، وتحديداً عند معبر تورخام الحيوي، بعد أيام من الاشتباكات المسلحة التي أدت إلى إغلاق المعبر وتسببت في خسائر بشرية ومادية كبيرة. توصل الطرفان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإعادة فتح المعبر أمام حركة التجارة والمسافرين، مما أنهى أزمة أثرت على آلاف الأشخاص وأوقفت حركة التبادل التجاري التي تُقدر بملايين الدولارات يومياً.

خلفية وتصاعد التوترات
اندلعت المواجهات الأخيرة في أوائل سبتمبر 2023، ويُعتقد أن السبب المباشر كان بناء نقطة أمنية جديدة من قبل سلطات طالبان في أفغانستان بالقرب من الحدود، وهو ما اعتبرته باكستان انتهاكاً للاتفاقيات الثنائية وسيادتها. ردت القوات الباكستانية على هذا التحرك، مما أدى إلى تبادل كثيف لإطلاق النار بين الجانبين. وتعد هذه الحادثة الأحدث في سلسلة من التوترات الحدودية المتكررة بين البلدين، والتي تعود جذورها إلى الخلاف التاريخي حول ترسيم "خط ديورند"، الذي لا تعترف به الحكومات الأفغانية المتعاقبة كحدود دولية رسمية.
تفاصيل الاشتباكات والخسائر
اتسمت الاشتباكات باستخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من كلا الجانبين، بما في ذلك قذائف الهاون والمدفعية، مما أثر على المناطق السكنية القريبة من المعبر. تضاربت التقارير حول حجم الخسائر البشرية، حيث أعلن كل طرف عن سقوط ضحايا في صفوفه وفي صفوف المدنيين. ورغم صعوبة التحقق من الأرقام بشكل مستقل، أشارت مصادر من الجانبين إلى مقتل وإصابة العشرات من الجنود والمدنيين. وقد تبادل الطرفان الاتهامات ببدء إطلاق النار واستهداف المناطق المأهولة بالسكان، مما زاد من حدة التوتر الدبلوماسي بين إسلام آباد وكابول.
التداعيات الإنسانية والاقتصادية
أدى إغلاق معبر تورخام، الذي استمر لأكثر من أسبوع، إلى تداعيات وخيمة. يعتبر هذا المعبر شرياناً اقتصادياً رئيسياً لأفغانستان، التي تعتمد على الواردات من باكستان. وقد تسبب الإغلاق في أزمة إنسانية واقتصادية تمثلت في:
- تكدس آلاف الشاحنات المحملة بالبضائع، بما في ذلك المواد الغذائية سريعة التلف مثل الفواكه والخضروات، مما كبّد التجار خسائر فادحة.
- توقف حركة عبور الأفراد، بمن فيهم المرضى الأفغان الذين كانوا يسعون للحصول على العلاج في المستشفيات الباكستانية.
- ارتفاع أسعار السلع الأساسية في المدن الأفغانية القريبة من الحدود نتيجة لنقص الإمدادات.
الجهود الدبلوماسية والوضع الحالي
بعد أيام من المواجهات، جرت محادثات مكثفة بين مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين من البلدين بهدف نزع فتيل الأزمة. أسفرت هذه الجهود عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإعادة فتح المعبر بشكل تدريجي. وفي منتصف سبتمبر، تم استئناف حركة المرور التجارية والمدنية عبر معبر تورخام، مما أعاد الحياة إلى طبيعتها نسبياً في المنطقة. ورغم عودة الهدوء، لا تزال الأسباب الجذرية للنزاع قائمة، مما يترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية تجدد التوترات في المستقبل ما لم يتم التوصل إلى حلول دائمة للقضايا الحدودية العالقة.




