هيرفي رينارد يعادل الرقم القياسي لديدييه ديشان وهنري ميشيل في عدد مرات التأهل لكأس العالم كمدرب
شهدت الساحة الكروية الفرنسية خلال الفترة الأخيرة تحقيق المدرب الفرنسي هيرفي رينارد إنجازًا تاريخيًا جديدًا، حيث نجح في معادلة الرقم القياسي لأكثر المدربين الفرنسيين تأهلاً لكأس العالم. بهذا الإنجاز، يشارك رينارد أسطورتين فرنسيتين في التدريب هما ديدييه ديشان وهنري ميشيل، ليصبح ثلاثتهم على قمة قائمة المدربين الفرنسيين الذين قادوا فرقهم بنجاح إلى المحفل الكروي الأكبر.

جاء هذا التكريم لرينارد بعد أن قاد ثلاثة منتخبات مختلفة للتأهل إلى نهائيات كأس العالم، وهو ما يعكس مسيرته التدريبية الاستثنائية وتنوع خبراته. هذا التساوي في الإنجاز يسلط الضوء على استمرارية التميز للمدربين الفرنسيين على الساحة الدولية ويعزز مكانة رينارد كأحد أبرز الأسماء في عالم التدريب.
الخلفية التاريخية للإنجاز
يتعلق هذا الرقم القياسي بعدد المرات التي نجح فيها مدرب فرنسي في قيادة منتخب وطني (رجال أو سيدات) للتأهل إلى نهائيات كأس العالم. إنه مقياس لمدى الثبات والنجاح الذي يحققه المدرب على مدى مسيرته، ويعكس قدرته على بناء فرق تنافسية وتجاوز التصفيات الصعبة.
بالنسبة للمدرب هيرفي رينارد، فإن إنجازاته موزعة على ثلاثة منتخبات مختلفة في قارات متنوعة. بدأ رينارد مسيرته في التأهل لكأس العالم عندما قاد منتخب المغرب للرجال إلى نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا، ليعيد أسود الأطلس إلى الواجهة العالمية بعد غياب طويل. ثم كرر الإنجاز بتأهيل منتخب المملكة العربية السعودية للرجال إلى كأس العالم 2022 في قطر، محققًا بذلك ثاني تأهل له على التوالي مع منتخب عربي. أخيرًا، وفي تطور لافت، قاد رينارد منتخب فرنسا للسيدات للتأهل إلى كأس العالم للسيدات 2023 التي أقيمت في أستراليا ونيوزيلندا، ليكمل بذلك ثلاثية التأهلات ويضع اسمه بجانب أساطير التدريب الفرنسيين.
أما الأسطورة الفرنسية ديدييه ديشان، فإن سجله في التأهل لكأس العالم كمدرب يرتبط بشكل وثيق بمنتخب بلاده، فرنسا. بصفته مدربًا لمنتخب الديوك، نجح ديشان في قيادة الفريق للتأهل لثلاث نسخ متتالية من كأس العالم للرجال: كأس العالم 2014 في البرازيل، وكأس العالم 2018 في روسيا (والتي توج بها بلقب البطولة)، وكأس العالم 2022 في قطر (حيث وصل إلى المباراة النهائية). يُعرف ديشان بقدرته على الحفاظ على استقرار الفريق وتطويره عبر الأجيال، وهو ما جعله أحد أنجح المدربين في تاريخ كرة القدم الفرنسية والعالمية.
الشريك الثالث في هذا الرقم القياسي هو الراحل هنري ميشيل، الذي ترك بصمة واضحة في تاريخ التدريب الفرنسي والأفريقي. قاد ميشيل منتخب فرنسا للرجال إلى كأس العالم 1986 في المكسيك، حيث حقق الفريق أداءً مميزًا. بعدها، انتقل ميشيل لتدريب منتخبات أفريقية، حيث قاد منتخب الكاميرون للرجال للتأهل إلى كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم منتخب المغرب للرجال إلى كأس العالم 1998 في فرنسا. تُظهر مسيرة ميشيل قدرته الفائقة على التكيف مع ثقافات كروية مختلفة وتحقيق النجاحات في أكثر من سياق.
سياق الإنجاز وأهميته
لا يمثل هذا الإنجاز مجرد رقم إحصائي، بل هو شهادة على الكفاءة التدريبية العالية والثبات في الأداء لهؤلاء المدربين. كل واحد منهم حقق هذا الرقم بطريقته الخاصة، مما يضيف عمقًا للقيمة التاريخية للإنجاز:
- هيرفي رينارد: يتميز مسار رينارد بالتنقل بين القارات والنجاح في بناء فرق قوية من الصفر أو تطوير فرق قائمة. إنجازاته مع المغرب والسعودية وفرنسا للسيدات تعكس مرونته التكتيكية وقدرته على التواصل مع اللاعبين من خلفيات متنوعة. قدرته على النجاح في كل من كرة القدم الرجالية والنسائية تسلط الضوء على شموليته كمدرب.
 - ديدييه ديشان: يمثل ديشان الاستمرارية والنجاح على أعلى المستويات مع منتخب بلاده. كونه لاعبًا دوليًا سابقًا فاز بكأس العالم، ثم مدربًا قاد فرنسا للقب، يمنحه مكانة فريدة. تأهلاته المتتالية تؤكد قدرته على إدارة الضغوط الهائلة لتدريب أحد أكبر المنتخبات في العالم.
 - هنري ميشيل: ترك ميشيل إرثًا كمدرب عالمي، حيث ساهم في تطوير كرة القدم في قارات مختلفة. قدرته على قيادة منتخبات من قارات متباينة إلى كأس العالم في عصور مختلفة تبرز بصمته كمدرب مؤثر.
 
إن وصول رينارد إلى هذا الرقم القياسي مؤخرًا يؤكد أن جيلًا جديدًا من المدربين الفرنسيين يواصل رفع راية التميز، متبعًا خطى أسلافه الكبار. هذا الإنجاز يعزز مكانة فرنسا كواحدة من الدول الرائدة في تصدير المدربين الأكفاء إلى الساحة العالمية.
التطلعات المستقبلية
بالنسبة لـهيرفي رينارد، يفتح هذا الإنجاز آفاقًا جديدة لمسيرته التدريبية. بعد نجاحاته مع منتخبات الرجال والنساء، يتوقع أن يستمر في كونه هدفًا للعديد من الأندية والمنتخبات الطامحة. إثبات قدرته على قيادة فرق مختلفة للتأهل لأكبر البطولات يعزز من قيمته السوقية والمهنية.
أما ديدييه ديشان، فيستمر في قيادة منتخب فرنسا للرجال، مع تطلعات دائمة لتحقيق المزيد من الألقاب والوصول إلى نسخ أخرى من كأس العالم. إنجازاته المتتالية تجعل منه معيارًا للنجاح في التدريب الدولي.
يظل إرث هنري ميشيل خالدًا في ذاكرة كرة القدم الفرنسية والعالمية، كنموذج للمدرب الذي تخطى الحدود الجغرافية ليترك بصمته في تاريخ كأس العالم.
في الختام، يمثل تساوي هؤلاء المدربين الثلاثة في عدد مرات التأهل لكأس العالم لحظة فارقة تؤكد على عمق وثراء الخبرة التدريبية الفرنسية وقدرتها على تحقيق الإنجازات المتتالية على الصعيد الدولي.





