واشنطن تحذر: خطط ضم الضفة الغربية تهدد استقرار اتفاقات التهدئة
جددت الإدارة الأمريكية تحذيراتها لحكومة إسرائيل من أن أي خطوات أحادية الجانب، مثل ضم أراضٍ في الضفة الغربية أو توسيع المستوطنات، تشكل تهديدًا مباشرًا للجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في المنطقة وتقوض آفاق السلام. وفي سلسلة من التصريحات التي صدرت في الأشهر الأخيرة، أكد مسؤولون أمريكيون، وعلى رأسهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أن مثل هذه الإجراءات تتعارض مع رؤية حل الدولتين التي تتبناها واشنطن كسبيل وحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

موقف أمريكي حازم
تؤكد وزارة الخارجية الأمريكية باستمرار أن سياسة الولايات المتحدة، تحت إدارة الرئيس جو بايدن، تعارض بشدة التوسع الاستيطاني والإجراءات التي قد تؤدي إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية. وتعتبر واشنطن هذه الخطوات عقبة أمام السلام وتؤدي إلى تفاقم التوترات على الأرض. وقد جاءت هذه التحذيرات في سياق إعلانات متكررة من قبل بعض الوزراء في الحكومة الإسرائيلية عن خطط لدفع مشاريع استيطانية جديدة أو شرعنة بؤر استيطانية عشوائية، وهو ما تعتبره الولايات المتحدة إجراءً استفزازيًا ومقوضًا للثقة بين الطرفين.
الموقف الأمريكي لا يقتصر على التصريحات الدبلوماسية، بل يمتد إلى التعبير عن القلق من أن أي تصعيد في الضفة الغربية قد يمتد تأثيره إلى قطاع غزة، مما يهدد اتفاقات وقف إطلاق النار الهشة التي يتم التوصل إليها عادة بعد جولات من القتال. وترى الإدارة الأمريكية أن الحفاظ على الهدوء يتطلب من جميع الأطراف الامتناع عن الأعمال التي يمكن أن تثير ردود فعل عنيفة.
خلفية التوترات الأخيرة
تأتي هذه التحذيرات في وقت حساس، حيث تشهد الأراضي الفلسطينية توترات متزايدة. وتتضمن الإجراءات الإسرائيلية التي أثارت قلق واشنطن ما يلي:
- الإعلان عن خطط لبناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في مستوطنات قائمة بالضفة الغربية.
 - مناقشة مشاريع قوانين في الكنيست تهدف إلى فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق واسعة، وتحديدًا في المنطقة المصنفة (ج).
 - تصريحات من مسؤولين إسرائيليين متطرفين تدعو إلى تكثيف النشاط الاستيطاني كأمر واقع لا رجعة فيه.
 
هذه التطورات تأتي في ظل جمود سياسي كامل في عملية السلام، وغياب أي مفاوضات مباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ سنوات، مما يجعل الساحة مهيأة لمزيد من التصعيد عند اتخاذ أي خطوات أحادية.
التأثير على جهود التهدئة الإقليمية
تشدد واشنطن على أن استقرار المنطقة يعتمد بشكل كبير على تجنب الإجراءات التي يمكن أن تفجر الأوضاع. ويرى المحللون أن أي خطوة إسرائيلية نحو الضم الرسمي ستكون لها عواقب وخيمة، ليس فقط على العلاقة مع الفلسطينيين، بل أيضًا على علاقات إسرائيل مع الدول العربية التي طبّعت علاقاتها معها مؤخرًا. وتخشى الإدارة الأمريكية من أن مثل هذه الخطوات قد تضعف اتفاقيات التطبيع وتزيد من عزلة إسرائيل إقليميًا ودوليًا.
كما أن الارتباط بين ما يحدث في الضفة الغربية وقطاع غزة يعد محور القلق الرئيسي. فالفصائل الفلسطينية في غزة غالبًا ما تربط هدوء الجبهة الجنوبية بالوضع في القدس والضفة الغربية. لذلك، فإن أي تغيير كبير في الوضع القائم هناك، مثل توسع استيطاني كبير أو ضم أراضٍ، قد يُعتبر سببًا كافيًا لإلغاء التفاهمات المتعلقة بوقف إطلاق النار، وإعادة المنطقة إلى دائرة العنف.
في الختام، يمثل الموقف الأمريكي رسالة واضحة بأن الحفاظ على إمكانية تحقيق حل الدولتين وتجنب التصعيد هما أولوية قصوى، وأن أي تحرك إسرائيلي يتجاهل هذه الأولويات سيواجه معارضة دبلوماسية أمريكية قوية، لما له من تداعيات سلبية على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها.





