وول سوينكا يؤكد إلغاء تأشيرته الأمريكية بعد تخليه عن بطاقته الخضراء
في أواخر عام 2016، أعلن الكاتب النيجيري وول سوينكا، الحائز على جائزة نوبل في الآداب، أن السلطات الأمريكية ألغت تأشيرة دخوله إلى الولايات المتحدة. جاء هذا التطور بعد فترة وجيزة من وفاء سوينكا بوعده العلني بتمزيق بطاقة إقامته الدائمة (البطاقة الخضراء) احتجاجاً على فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في حدث أثار اهتماماً إعلامياً عالمياً واسعاً.

خلفية القصة: وعد رمزي مناهض لترامب
قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2016، اتخذ وول سوينكا، المعروف بمواقفه السياسية الصريحة وانتقاداته للقادة السياسيين حول العالم، موقفاً حاسماً من المرشح آنذاك دونالد ترامب. خلال محاضرة له في جامعة أكسفورد، تعهد سوينكا بأنه في حال فوز ترامب، فإنه سيتخلى عن بطاقة إقامته الدائمة في الولايات المتحدة، قائلاً: "سأقوم بتمزيق البطاقة الخضراء بنفسي وسأبدأ في حزم أمتعتي".
استند موقفه إلى رفضه الشديد لخطاب ترامب الذي اعتبره معادياً للمهاجرين والأقليات، معرباً عن قلقه من السياسات التي قد يتبعها الرئيس الجديد. بالنسبة لسوينكا، الذي قضى سنوات عديدة في التدريس والكتابة بالولايات المتحدة، كان هذا الوعد بمثابة احتجاج رمزي قوي ضد التحول السياسي الذي يمثله فوز ترامب.
التطورات: من الوفاء بالوعد إلى الإجراءات الإدارية
بعد إعلان نتائج الانتخابات بفوز ترامب، أكد سوينكا في الأول من ديسمبر 2016 أنه أوفى بوعده وتخلص من بطاقته الخضراء. وفي تصريحات لوسائل الإعلام، أوضح أنه فعل ذلك بهدوء ودون ضجة، مؤكداً أن قراره نهائي. وبهذا الإجراء، أنهى سوينكا طوعاً وضعه كمقيم دائم في الولايات المتحدة، وهو وضع كان يتمتع به لسنوات طويلة.
لم تتوقف تداعيات قراره عند هذا الحد. فبعد فترة، كشف سوينكا أنه عندما حاول السفر إلى الولايات المتحدة لحضور مناسبة مقررة، تم إبلاغه في السفارة الأمريكية في أكرا، عاصمة غانا، بأن تأشيرته السارية قد تم إلغاؤها. ووفقاً لتصريحاته، طُلب منه التقدم بطلب للحصول على تأشيرة جديدة كأي زائر آخر، وهو ما فسره على أنه إجراء عقابي.
الأهمية والتداعيات: بين الاحتجاج السياسي والبيروقراطية
فسّر سوينكا إلغاء تأشيرته بأنه قرار "جاء من القمة"، معتبراً نفسه "محظوراً" من دخول البلاد. وقد أثارت تصريحاته جدلاً حول ما إذا كان الإجراء رداً سياسياً مباشراً على موقفه المناهض لترامب. ومع ذلك، أشار محللون ومختصون في شؤون الهجرة إلى أن إلغاء تأشيرة غير المهاجرين غالباً ما يكون إجراءً إدارياً تلقائياً عند التخلي عن الإقامة الدائمة.
من الناحية القانونية، عندما يتخلى شخص عن بطاقته الخضراء، فإن وضعه القانوني في الولايات المتحدة يتغير جذرياً، وقد تعتبر السلطات أن التأشيرات الأخرى التي يحملها لم تعد صالحة أو تتطلب إعادة تقييم. وعلى الرغم من أن التوقيت كان لافتاً، فإن الإجراء قد لا يكون بالضرورة عملاً انتقامياً، بل نتيجة طبيعية للبيروقراطية الأمريكية في مجال الهجرة.
بصرف النظر عن السبب الدقيق، سلطت قضية وول سوينكا الضوء على التقاطع بين الفن والسياسة والهجرة. لقد استخدم مكانته كأديب عالمي لاتخاذ موقف سياسي واضح، وأبرزت العواقب التي تبعت قراره كيف يمكن للإجراءات الإدارية أن تتشابك مع التعبيرات السياسية، مما جعل قصته رمزاً للاحتجاج الفكري في مواجهة التغيرات السياسية الكبرى.




