إخلاء سبيل الشيخ مصطفى العدوي بكفالة بعد جدل فيديو "الافتخار بالفراعنة"
أعلنت السلطات المصرية في أوائل شهر يونيو 2023، عن قرار إخلاء سبيل الشيخ السلفي المعروف مصطفى العدوي بكفالة مالية، وذلك بعد أيام من توقيفه على خلفية مقطع فيديو نشره أثناء زيارته للمتحف المصري الكبير، والذي أثار جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأوساط العامة. وقد أعادت الواقعة تسليط الضوء على التجاذب المستمر بين الخطابات الدينية المحافظة ورؤية الدولة المصرية لهويتها الوطنية وتاريخها القديم.

تفاصيل الواقعة ومحتوى الفيديو
بدأت القصة عندما قام الشيخ مصطفى العدوي، وهو شخصية دينية لها قاعدة متابعين واسعة، بنشر مقطع فيديو من داخل المتحف المصري الكبير. خلال الفيديو، وجه العدوي رسالة لمتابعيه حول الحكم الشرعي لزيارة المتاحف والآثار الفرعونية. أوضح في حديثه أن الهدف من هذه الزيارات يجب أن يكون "للعظة والاعتبار" من مصير الأقوام السابقة التي كفرت بالله، وليس "للفخر والتمجيد" بحضارتهم وملوكهم. ودعا صراحة إلى "التبرؤ من فرعون وجنوده"، معتبراً إياهم طغاة ورد ذكرهم في القرآن الكريم كأعداء للأنبياء.
انتشر المقطع بسرعة كبيرة، مما أدى إلى انقسام حاد في الآراء. رأى كثيرون في تصريحاته تقليلاً من شأن التاريخ المصري العريق ومحاولة لفرض رؤية أيديولوجية متشددة تتعارض مع جهود الدولة لتعزيز الانتماء الوطني القائم على الاحتفاء بالحضارة المصرية القديمة كجزء أساسي من هوية البلاد.
ردود الفعل والإجراءات القانونية
على إثر انتشار الفيديو، تصاعدت ردود الفعل الغاضبة من قبل شخصيات عامة ومواطنين، حيث اعتبروا أن هذه التصريحات تضر بصورة مصر وقطاع السياحة الذي يعتمد بشكل كبير على الآثار الفرعونية. تقدم عدد من المحامين ببلاغات رسمية إلى النيابة العامة ضد الشيخ العدوي، متهمين إياه بازدراء الحضارة المصرية ونشر أفكار من شأنها تكدير السلم العام وإثارة الفتنة.
بناءً على هذه البلاغات، تحركت الجهات الأمنية وألقت القبض على الشيخ العدوي للتحقيق معه. ووجهت له النيابة اتهامات مبدئية تضمنت، بحسب تقارير إعلامية، نشر أخبار كاذبة وتكدير الأمن العام. استمر التحقيق مع العدوي لعدة أيام، تم خلالها استجوابه حول دوافعه ومقاصده من الفيديو.
قرار الإفراج والسياق الأوسع
بعد انتهاء التحقيقات الأولية، قررت النيابة العامة إخلاء سبيل الشيخ مصطفى العدوي بكفالة مالية قدرها 10 آلاف جنيه مصري على ذمة القضية. ورغم الإفراج عنه، فإن القضية بحد ذاتها كشفت عن حساسية العلاقة بين التفسيرات الدينية والهوية الوطنية في مصر الحديثة.
تأتي هذه الواقعة في سياق تبذل فيه الدولة المصرية جهوداً ضخمة لإبراز إرثها الفرعوني، تمثلت في مشاريع عملاقة مثل افتتاح المتحف المصري الكبير وتنظيم فعاليات عالمية مثل "موكب المومياوات الملكية". تهدف هذه المشاريع إلى تعزيز الفخر الوطني وجذب السياحة العالمية، بينما ترى بعض التيارات الدينية المحافظة أن الاهتمام المفرط بهذه الحقبة التاريخية قد يتعارض مع مبادئ التوحيد، خاصة فيما يتعلق بالتماثيل والرموز التي كانت تعبد في الماضي.





