إدارة ترامب تسعى لاستغلال أزمة رفح لتطوير نموذج نزع سلاح حماس
تقارير إعلامية حديثة، مستندة إلى مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، كشفت عن مساعٍ قامت بها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال فترة ولايتها. هذه المساعي كانت تستهدف استغلال أزمة تجمعات للمسلحين في مدينة رفح بقطاع غزة، بهدف ليس فقط احتواء الموقف الراهن، بل لتطوير نموذج استراتيجي شامل يمكن تطبيقه مستقبلاً لنزع سلاح حركة حماس بالكامل. تُعد هذه الخطوة جزءاً من جهود أوسع لإعادة تشكيل المشهد الأمني والسياسي في المنطقة، مع التركيز على تحييد القدرات العسكرية لحماس.

الخلفية السياسية والأمنية
تميزت فترة إدارة ترامب بمنهجية فريدة تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث اتسمت بدعم قوي لإسرائيل وسعيها لتقديم حلول إقليمية تتجاوز الإطار التقليدي للمفاوضات. في هذا السياق، كانت حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007، تمثل تحدياً أمنياً وسياسياً رئيسياً لإسرائيل ولخطط السلام الأميركية. تُصنف حماس كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى، وتخوض مواجهات عسكرية متكررة مع إسرائيل. لطالما كان نزع سلاح حماس هدفاً استراتيجياً للإسرائيليين والمجتمع الدولي، وإن كانت الطرق المقترحة لتحقيق ذلك متباينة.
لقطاع غزة تاريخ طويل من النزاعات والحصار، مما أدى إلى أزمة إنسانية واقتصادية متفاقمة. مدينة رفح، الواقعة على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر، تُعد نقطة حساسة وحيوية. أي أزمة تتعلق بالمسلحين العالقين هناك تشير إلى وضع قد يكون فيه هؤلاء المسلحون محاصرين أو معزولين نتيجة لعمليات عسكرية إسرائيلية أو إجراءات إغلاق الحدود، مما يوفر فرصة للضغط عليهم.
أزمة رفح وتطوير نموذج نزع السلاح
وفقاً للتقارير، رأت إدارة ترامب في وضع المسلحين العالقين في رفح فرصة استراتيجية نادرة. فبدلاً من التعامل معها كحادثة منفصلة، سعت الإدارة، بالتنسيق مع مسؤولين إسرائيليين، لتحويل هذه الأزمة إلى مختبر لتصميم "نموذج" عملي لنزع سلاح جماعة مسلحة بحجم حماس. تتضمن الفكرة استغلال الظروف القهرية التي يواجهها المسلحون كرافعة لفرض شروط تؤدي في النهاية إلى تسليم أسلحتهم.
- تحديد نقاط الضغط: يشمل النموذج تحديد نقاط الضعف الرئيسية للمسلحين، مثل قطع خطوط الإمداد، وعزل القيادات، وتقييد الحركة، وتجفيف مصادر التمويل، خاصة في منطقة جغرافية محددة مثل رفح.
- تقديم حوافز مشروطة: إلى جانب الضغط، قد يتضمن النموذج تقديم حوافز مشروطة، مثل المساعدات الإنسانية، أو تسهيل خروج آمن لبعض المسلحين غير المتورطين في "إرهاب خطير"، أو ضمانات أمنية مستقبلية، مقابل تسليم الأسلحة والامتثال لشروط النزع.
- آلية المتابعة والتحقق: من المفترض أن يتضمن النموذج آليات صارمة للمتابعة والتحقق من عملية تسليم الأسلحة، قد تشمل إشرافاً دولياً أو طرفاً ثالثاً موثوقاً به، مثل مصر أو الأمم المتحدة، لضمان التنفيذ الكامل للاتفاق.
- أهداف بعيدة المدى: الهدف الأكبر لم يكن فقط نزع سلاح هؤلاء المسلحين العالقين، بل استنتاج مبادئ وإجراءات يمكن تطبيقها على نطاق أوسع لفكيكة البنية العسكرية لحماس في عموم قطاع غزة.
الأهمية والتداعيات المحتملة
إذا ما نجح هذا النموذج، حتى على مستوى التصور، فإنه قد يوفر سابقة هامة في التعامل مع الحركات المسلحة غير الحكومية في مناطق النزاع. يُمكن أن يغير موازين القوى في قطاع غزة بشكل جذري، ويُمهد الطريق لحل سياسي طويل الأمد يتضمن السيطرة الفلسطينية الموحدة على القطاع تحت مظلة السلطة الفلسطينية. مع ذلك، فإن تطبيق مثل هذا النموذج ينطوي على تحديات جسيمة، بدءاً من مقاومة حماس الشرسة التي تعتبر نزع سلاحها بمثابة تصفية لوجودها، وصولاً إلى التعقيدات القانونية والأخلاقية المتعلقة باستغلال أزمات إنسانية كرافعة تفاوضية.
يرى بعض المحللين أن هذه الاستراتيجية تعكس توجهاً أميركياً إسرائيلياً نحو حلول عملية "من الأعلى إلى الأسفل"، والتي قد تتجاهل الديناميات الداخلية والاحتياجات السياسية والاقتصادية للسكان. كما قد تثير مخاوف بشأن تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، واحتمال تصاعد العنف إذا ما فشلت هذه المساعي أو قوبلت برفض قاطع.
ردود الفعل والانتقادات المتوقعة
من المرجح أن تواجه أي محاولة لتطبيق مثل هذا النموذج برفض قاطع من قبل حركة حماس، التي تعتبر سلاحها جزءاً لا يتجزأ من مقاومتها ووجودها السياسي. وقد تستنكر السلطة الفلسطينية أي مبادرة تتجاهل دورها الشرعي في إدارة الأراضي الفلسطينية، حتى لو كانت تهدف إلى إضعاف حماس. على الصعيد الإقليمي، قد تحافظ دول مثل مصر والأردن على موقف حذر، يوازن بين دعم الاستقرار والتحذير من تداعيات أي تصعيد محتمل أو خطوات أحادية الجانب.
على المستوى الدولي، قد تنقسم الآراء؛ فبينما قد يدعم البعض نزع سلاح حماس كخطوة ضرورية نحو السلام، قد ينتقد آخرون المنهجية التي تعتمد على استغلال الأزمات الإنسانية والضغط العسكري، معربين عن قلقهم بشأن الشرعية الدولية وحقوق الإنسان. تُبرز هذه التقارير مدى تعقيد المشهد الأمني والسياسي في غزة، وتعدد الأبعاد التي يجب مراعاتها عند محاولة إحداث تغيير جذري.





