إسبانيا تطالب المجتمع الدولي بضمانات لإدخال المساعدات إلى غزة امتثالاً لأمر محكمة العدل
في تحرك دبلوماسي لافت، وجهت الحكومة الإسبانية دعوة ملحة إلى المجتمع الدولي، وخاصة شركائها في الاتحاد الأوروبي، لاتخاذ إجراءات فعالة لإلزام إسرائيل بتنفيذ الأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية. وتركز المطالب الإسبانية على ضرورة تسهيل دخول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وكافٍ إلى قطاع غزة، الذي يواجه أزمة إنسانية كارثية، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

التفاصيل والموقف الإسباني
أكد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في تصريحات صدرت مؤخراً، أن قرارات محكمة العدل الدولية ليست مجرد توصيات، بل هي أوامر ملزمة قانوناً لجميع الأطراف الموقعة على اتفاقية منع الإبادة الجماعية، بما في ذلك إسرائيل. وشدد على أن استمرار عرقلة المساعدات الإنسانية يمثل انتهاكاً واضحاً لهذه الأوامر والقانون الدولي الإنساني. وتأتي هذه التصريحات في سياق موقف إسباني متصاعد ينتقد بشدة طريقة إدارة إسرائيل للحرب في غزة وتأثيرها على المدنيين.
وتسعى إسبانيا إلى حشد موقف أوروبي موحد للضغط على إسرائيل، مقترحةً أن يقوم الاتحاد الأوروبي بمراجعة علاقاته معها في حال استمرت في تجاهل قرارات المحكمة. ويشمل الموقف الإسباني دعوة واضحة إلى:
- التنفيذ الكامل والفوري للتدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية.
- فتح جميع المعابر البرية المؤدية إلى غزة أمام قوافل المساعدات دون قيود.
- ضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني وتوفير بيئة آمنة لتوزيع المساعدات.
- الدفع باتجاه وقف فوري ومستدام لإطلاق النار باعتباره الحل الوحيد لإنهاء الكارثة الإنسانية.
خلفية القضية والسياق الدولي
يعود أساس هذا التحرك إلى الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في أواخر عام 2023، متهمة إياها بارتكاب أعمال إبادة جماعية في قطاع غزة. وفي يناير 2024، أصدرت المحكمة تدابير مؤقتة عاجلة أمرت فيها إسرائيل باتخاذ جميع الإجراءات لمنع أعمال الإبادة الجماعية وضمان وصول المساعدات الإنسانية. وقد تم تعزيز هذه الأوامر بقرارات إضافية في الأشهر التالية مع تفاقم الوضع على الأرض.
يأتي الموقف الإسباني في ظل تقارير أممية ودولية تحذر من مجاعة وشيكة في شمال غزة وتدهور كامل للمنظومة الصحية. وتشير البيانات الصادرة عن وزارة الصحة في غزة، والتي تعتمدها وكالات الأمم المتحدة، إلى مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في أكتوبر 2023.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكتسب دعوة إسبانيا أهمية خاصة كونها صادرة عن دولة أوروبية كبرى، مما يبرز الانقسامات المتزايدة داخل الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية التعامل مع الصراع. ففي حين تتبنى دول مثل ألمانيا مواقف أكثر دعماً لإسرائيل، تقود إسبانيا، إلى جانب دول مثل أيرلندا وبلجيكا، تياراً أكثر انتقاداً لسياساتها في غزة ودعماً للحقوق الفلسطينية. ويعكس هذا الموقف أيضاً التزام إسبانيا المعلن بحل الدولتين، والذي توجته مؤخراً بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطين.
قد تؤدي هذه الضغوط الدبلوماسية، إذا ما انضمت إليها دول أخرى، إلى زيادة العزلة الدولية لإسرائيل وإمكانية فرض إجراءات عقابية من قبل تكتلات إقليمية مثل الاتحاد الأوروبي. كما أنها تعزز من سلطة القانون الدولي والمؤسسات القضائية الدولية كوسيلة لمعالجة النزاعات وحماية حقوق الإنسان في أوقات الحرب.





