إسرائيل تؤكد رسمياً: لا تسليم لجثة السنوار ولا إفراج عن مروان البرغوثي
أكدت مصادر رسمية إسرائيلية في الأيام الأخيرة موقفاً حاسماً بشأن اثنين من أبرز الأسماء المرتبطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهما قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار، والقيادي البارز في حركة فتح مروان البرغوثي. ويتمثل هذا الموقف في رفض قاطع لتسليم جثة السنوار في حال مقتله، ورفض الإفراج عن البرغوثي ضمن أي صفقة مستقبلية لتبادل الأسرى. يأتي هذا الإعلان في وقت حرج تتواصل فيه المفاوضات غير المباشرة بوساطة دولية للتوصل إلى هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس.

خلفية الموقف الإسرائيلي
تتبنى إسرائيل منذ فترة طويلة سياسة احتجاز جثامين مقاتلين فلسطينيين، وتستخدمها كورقة ضغط وتفاوض في المستقبل. وفي حالة يحيى السنوار، الذي تعتبره إسرائيل المسؤول المباشر عن هجمات السابع من أكتوبر، فإن الموقف يكتسب بعداً رمزياً واستراتيجياً إضافياً. يرى صناع القرار في تل أبيب أن تسليم جثته قد يتحول إلى جنازة حاشدة ومظاهرة للتحدي، مما يمنح حماس نصراً معنوياً حتى بعد مقتل قائدها. لذلك، تميل الاستراتيجية الإسرائيلية إلى استخدام جثته كورقة مساومة مستقبلية مقابل معلومات عن جنود إسرائيليين مفقودين أو محتجزين، أو ببساطة لمنع حماس من تحقيق أي مكسب رمزي.
هذا الموقف يعكس سياسة أوسع تهدف إلى حرمان الخصوم من أي إنجاز، سواء كان ميدانياً أو إعلامياً. ويعتقد المسؤولون الأمنيون أن الاحتفاظ بالجثة يمثل أيضاً رادعاً نفسياً، ويؤكد على أن قادة الحركة لن يفلتوا من العواقب حتى بعد موتهم.
قضية مروان البرغوثي
يُعد مروان البرغوثي، المعتقل في السجون الإسرائيلية منذ عام 2002، شخصية فلسطينية ذات ثقل سياسي وشعبي كبير. حُكم عليه بخمسة أحكام بالسجن المؤبد بتهم القتل والشروع في القتل وتزعم جماعات مسلحة خلال الانتفاضة الثانية. على الرغم من إدانته، يُنظر إليه على نطاق واسع بين الفلسطينيين كرمز للنضال الوطني، وغالباً ما تتصدر استطلاعات الرأي كمرشح رئاسي محتمل قادر على توحيد الفصائل المتنافسة.
لهذا السبب بالذات، تعتبر إسرائيل الإفراج عنه خطاً أحمر. هناك مخاوف عميقة داخل المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية من أن إطلاق سراح البرغوثي قد يؤدي إلى:
- توحيد الصف الفلسطيني خلف قيادة كاريزمية وشعبية، مما قد يشكل تحدياً أكبر لإسرائيل.
- إضعاف السلطة الفلسطينية الحالية التي تتعاون أمنياً مع إسرائيل.
- منح دفعة معنوية كبيرة للحركات التي تتبنى المقاومة المسلحة، حيث سيُنظر إلى الإفراج عنه كانتصار كبير لها.
التداعيات على المفاوضات الجارية
يأتي هذا الإعلان المتشدد في وقت حساس، حيث تبذل جهود دبلوماسية مكثفة، بقيادة قطر ومصر والولايات المتحدة، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى والرهائن. يعتبر الموقف الإسرائيلي الواضح بشأن السنوار والبرغوثي بمثابة تحديد مسبق للخطوط الحمراء، مما قد يعقد مسار المفاوضات. فبينما تسعى حماس إلى تحقيق إنجاز كبير من خلال المطالبة بالإفراج عن سجناء بارزين، تهدف إسرائيل إلى حصر الصفقة في فئات معينة من الأسرى، وتجنب تكرار ما تعتبره "خطأ" صفقة شاليط عام 2011، التي أُفرج بموجبها عن يحيى السنوار نفسه.
الأهمية والتأثير المستقبلي
هذا القرار المزدوج له أهمية بالغة لأنه يوضح حدود ما يمكن لإسرائيل أن تقبله في أي تسوية مستقبلية. فهو لا يؤثر فقط على المفاوضات الحالية، بل يرسم أيضاً ملامح تعامل إسرائيل مع الرموز السياسية والعسكرية الفلسطينية. الإصرار على عدم تسليم جثة السنوار أو إطلاق سراح البرغوثي يبعث برسالة مفادها أن إسرائيل مستعدة لتحمل ضغوط سياسية ودولية للحفاظ على ما تعتبره مصالحها الأمنية والاستراتيجية العليا، حتى لو كان ذلك يعني إطالة أمد المفاوضات أو تعريضها للفشل.





