إسرائيل تنهي قيود الطوارئ في أجزاء من الجنوب لأول مرة منذ هجوم 7 أكتوبر
في خطوة تعكس تقييمًا أمنيًا متجددًا، أعلنت السلطات الإسرائيلية في الثالث والعشرين من أكتوبر 2023، عن تخفيف جزئي للقيود المفروضة ضمن ما يُعرف بـ "الوضع الخاص في الجبهة الداخلية" في مناطق جنوب البلاد. يمثل هذا القرار المرة الأولى التي يتم فيها إنهاء أو تخفيف هذه الإجراءات الطارئة في أي جزء من جنوب إسرائيل منذ الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023.

خلفية الوضع الأمني في أعقاب 7 أكتوبر
عقب الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حماس على بلدات إسرائيلية محاذية لقطاع غزة وفي مناطق أخرى من الجنوب، والذي أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف واحتجاز رهائن، أعلنت إسرائيل حالة تأهب قصوى. في السابع من أكتوبر 2023، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي، يواف غالانت، إعلاناً بفرض "وضع خاص في الجبهة الداخلية"، وهو إجراء يمنح قيادة الجبهة الداخلية صلاحيات واسعة النطاق لفرض قيود على السكان.
- شملت هذه الصلاحيات إمكانية إجلاء السكان من المناطق المعرضة للخطر.
- منع الدخول إلى مناطق معينة أو تقييد الحركة فيها.
- إلزام السكان بالبقاء بالقرب من الملاجئ أو في منازلهم.
- تحديد التجمعات الجماهيرية وإغلاق المؤسسات التعليمية.
في البداية، طُبقت هذه القيود على نطاق واسع يشمل مناطق تصل إلى 80 كيلومترًا من حدود قطاع غزة، بهدف حماية المدنيين من القصف الصاروخي المحتمل وعمليات التسلل. وقد تم تمديد هذا الوضع الخاص لعدة مرات بعد إعلانه الأولي، مما أبقى قطاعات واسعة من السكان تحت إجراءات طوارئ مشددة، وأثر بشكل كبير على الحياة اليومية والاقتصاد المحلي في الجنوب.
تطورات القرار الحالي
جاء القرار الأخير، الذي أقرته الحكومة الأمنية المصغرة في 23 أكتوبر 2023، ليعدل من نطاق هذه القيود. فبدلاً من تطبيق "الوضع الخاص" على مسافة 80 كيلومترًا من غزة، تم تضييق النطاق ليشمل فقط المناطق الواقعة على بعد 7 كيلومترات من الحدود. هذا يعني أن المناطق الواقعة بين 7 كيلومترات و80 كيلومترًا من القطاع لم تعد خاضعة للوضع الخاص وتصنيفها كـ "منطقة مواجهة"، مما يتيح لسكانها العودة تدريجياً إلى نوع من الحياة الطبيعية.
صادق على هذا التخفيف مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، الذي يضم كبار الوزراء الأمنيين والعسكريين، ما يعكس تقييمًا مشتركًا بأن المخاطر المباشرة لبعض هذه المناطق قد تراجعت أو أن هناك قدرة على التعامل معها بوسائل أخرى. هذا التعديل، على الرغم من أنه جزئي، يعد إشارة مهمة إلى تغير في ديناميكيات الوضع الأمني بعد أكثر من أسبوعين على اندلاع الصراع.
أهمية وتداعيات القرار
لهذا القرار تداعيات متعددة على السكان والاقتصاد المحلي في جنوب إسرائيل:
- بالنسبة للسكان: يمثل إنهاء القيود في الأجزاء الأبعد عن غزة بصيص أمل للعودة إلى روتين الحياة، وتخفيف الضغط النفسي الذي رافق حالة التأهب المستمرة. قد يسمح هذا بعودة بعض الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي توقفت.
- على المستوى الأمني: يشير القرار إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قد توصلت إلى استنتاج مفاده أن التهديد المباشر الذي كان يستدعي الوضع الخاص الواسع قد تقلص في تلك المناطق، ربما بفضل الإجراءات العسكرية المتخذة أو تحسن القدرات الدفاعية.
- التداعيات الاقتصادية: من المرجح أن يؤدي تخفيف القيود إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلدات والمستوطنات الواقعة خارج نطاق الـ 7 كيلومترات، حيث يمكن للمتاجر والشركات استئناف عملها بشكل أكثر انتظامًا، وقد يشجع السكان على العودة إلى منازلهم إذا كانوا قد غادروها.
السياق المستمر
من المهم التأكيد على أن هذا التخفيف لا يعني نهاية حالة الطوارئ بالكامل في الجنوب، بل هو تعديل لنطاقها. فالمناطق الأكثر قربًا لقطاع غزة، ضمن حدود الـ 7 كيلومترات، لا تزال خاضعة لإجراءات أمنية مشددة للغاية، وبعضها لا يزال مناطق عسكرية مغلقة أو مناطق إجلاء. العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، والتصعيد لا يزال قائمًا، مما يبقي حالة التأهب مرتفعة بشكل عام.
هذا القرار يعكس محاولة لموازنة الضرورات الأمنية مع الحاجة إلى السماح للسكان بالعودة إلى حياتهم الطبيعية قدر الإمكان في ظل ظروف الحرب، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا للسلطات الإسرائيلية.





