إعلان دستوري جديد يحدد آلية خلافة الرئيس الفلسطيني ويثير تساؤلات حول المستقبل السياسي
في خطوة وصفت بأنها محورية في ترتيب المشهد السياسي الفلسطيني المستقبلي، صدر إعلان دستوري جديد عن الرئيس محمود عباس يعدّل آلية تولي رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية في حال شغور المنصب. ويقضي التعديل بنقل صلاحيات الرئيس المؤقت من رئيس المجلس التشريعي إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو المنصب الذي يشغله حالياً حسين الشيخ.

خلفية القرار وتوقيته
يأتي هذا الإعلان في ظل وضع دستوري معقد، حيث أن القانون الأساسي الفلسطيني، الذي يعد بمثابة الدستور، ينص على أن يتولى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني مهام رئاسة السلطة بشكل مؤقت لمدة لا تزيد عن 60 يوماً يتم خلالها إجراء انتخابات رئاسية. لكن المجلس التشريعي معطل فعلياً منذ الانقسام الفلسطيني عام 2007، مما خلق فراغاً دستورياً وقانونياً فيما يتعلق بآلية الخلافة. ومع تقدم الرئيس عباس في السن، تصاعدت النقاشات الداخلية والإقليمية حول ضرورة وضع آلية واضحة لتجنب أي فوضى أو صراع على السلطة قد ينشأ في حال حدوث شغور مفاجئ في منصب الرئاسة.
مضمون التعديل الدستوري وآثاره
يقوم التعديل الجديد على استبدال شخصية رئيس المجلس التشريعي، المنصب الشاغر عملياً، بشخصية أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. هذا التغيير لا يحل فقط مشكلة الفراغ القانوني من وجهة نظر الرئاسة، بل إنه يضع حسين الشيخ، الذي يعتبر من أبرز الشخصيات المقربة من الرئيس عباس، في مقدمة ترتيبات الخلافة. وبموجب هذا الإعلان، يصبح الشيخ هو المسؤول الأول عن تسيير شؤون السلطة الفلسطينية والدعوة لانتخابات رئاسية جديدة حال غياب الرئيس لأي سبب كان.
الأبعاد السياسية والجدل القانوني
أثار هذا الإعلان جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والقانونية الفلسطينية. يرى محللون أن هذه الخطوة تهدف إلى ضمان انتقال منظم للسلطة لشخصية تحظى بثقة القيادة الحالية، وقطع الطريق على أي محاولات من قبل قوى سياسية أخرى، وعلى رأسها حركة حماس التي فازت بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي في انتخابات 2006، للمطالبة بتطبيق النص القديم من القانون الأساسي. ومن الناحية القانونية، يشير منتقدون إلى أن تعديل القانون الأساسي يتطلب موافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي، وهو شرط غير متوفر حالياً، مما يطرح تساؤلات حول مدى دستورية وشرعية هذا الإعلان. يعتبره البعض تكريساً لسياسة تفرد بالقرار وتجاوزاً للمؤسسات التشريعية. في المقابل، يدافع مؤيدون عن القرار باعتباره إجراءً ضرورياً لضمان الاستقرار ومنع حدوث فراغ في السلطة في ظل الظروف السياسية الراهنة.
ردود الفعل والتداعيات المحتملة
قوبل الإعلان بردود فعل متباينة. فبينما التزمت الأوساط الرسمية في السلطة الفلسطينية الصمت إلى حد كبير، عبرت فصائل فلسطينية معارضة عن رفضها للقرار، معتبرة إياه تعزيزاً لنهج الهيمنة وتغييباً للإرادة الشعبية. من المتوقع أن يزيد هذا الإعلان من حدة الاستقطاب الداخلي، وقد يؤثر على أي جهود مستقبلية لتحقيق المصالحة الوطنية. كما أنه يضع حسين الشيخ في دائرة الضوء بشكل أكبر، ويجعله المرشح الأبرز لخلافة الرئيس عباس، وهو ما قد يترتب عليه تداعيات على مستوى العلاقات الداخلية الفلسطينية وكذلك على الصعيد الإقليمي والدولي.





