اختتام الجولة الأولى من المباحثات السودانية الأمريكية بواشنطن لبحث سبل إنهاء الحرب
أُسدِل الستار مؤخراً على الجولة الأولى من الاجتماعات المباشرة التي استضافتها العاصمة الأمريكية واشنطن بين وفد يمثل الحكومة السودانية ومسؤولين في الإدارة الأمريكية. وتركزت هذه المحادثات، التي تأتي في منعطف حرج، على استكشاف آليات فعالة لوقف الحرب المدمرة المستمرة في السودان منذ أكثر من عام، وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية.

خلفية الصراع وجهود الوساطة المتعثرة
اندلع النزاع في السودان في أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي". وقد أدى الصراع إلى أزمة إنسانية كارثية، حيث نزح الملايين من ديارهم، وواجه السكان خطر المجاعة وانتشار الأمراض، في ظل انهيار شبه كامل للبنية التحتية والخدمات الأساسية.
سبقت هذه الاجتماعات جهود دبلوماسية متعددة، أبرزها "منبر جدة" الذي قادته المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، إلا أن تلك الجهود لم تنجح في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار. وقد شهدت الاتفاقات السابقة انتهاكات متكررة من كلا الطرفين، مما أدى إلى تعليق المفاوضات مراراً وتعميق انعدام الثقة.
تفاصيل الاجتماعات الأخيرة في واشنطن
تمثل هذه الجولة من المباحثات في واشنطن محاولة جديدة ومنهجية مختلفة للدفع نحو حل. وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن الاجتماعات المباشرة بين الوفد السوداني والمسؤولين الأمريكيين ركزت على مجموعة من الأهداف الحيوية، أبرزها:
- بحث سبل التوصل إلى وقف فوري ومستدام للأعمال العدائية في جميع أنحاء السودان.
 - ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق إلى جميع المحتاجين.
 - مناقشة آليات حماية المدنيين ومنع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
 - تمهيد الطريق لاستئناف عملية سياسية شاملة تقود إلى تشكيل حكومة مدنية انتقالية.
 
ورغم عدم الكشف عن تفاصيل كاملة حول هوية أعضاء الوفد السوداني أو نتائج الجلسة الأولى بشكل رسمي، فإن عقد هذه اللقاءات رفيعة المستوى في العاصمة الأمريكية يشير إلى جدية واشنطن في إعادة تفعيل دورها الدبلوماسي لإنهاء الأزمة.
أهمية المباحثات وتوقيتها الحرج
تكتسب هذه المحادثات أهميتها من كونها تأتي في وقت تتصاعد فيه التحذيرات الدولية من انهيار الدولة السودانية وتفاقم الكارثة الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة. يمثل الانخراط الأمريكي المباشر على هذا المستوى ضغطاً إضافياً على الأطراف المتحاربة ويفتح نافذة أمل جديدة بعد جمود المسارات التفاوضية الأخرى.
كما يعكس اختيار واشنطن كمكان للاجتماع رغبة أمريكية في الإشراف المباشر على المحادثات وتوظيف ثقلها الدبلوماسي لدفع الأطراف نحو تقديم تنازلات حقيقية. ويأتي ذلك في سياق سياسة أمريكية أكثر حزماً تجاه الأزمة، شملت فرض عقوبات على شخصيات وكيانات متهمة بتأجيج الصراع من كلا الجانبين.
الخطوات المستقبلية والتحديات القائمة
مع انتهاء الجلسة الأولى، تظل الأنظار متجهة نحو إمكانية عقد جولات لاحقة والبناء على ما تم التوصل إليه. ومع ذلك، لا تزال الطريق نحو السلام محفوفة بالتحديات، وفي مقدمتها انعدام الثقة العميق بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بالإضافة إلى تعقيدات المشهد العسكري على الأرض وتعدد الأطراف الفاعلة.
يعتمد نجاح هذه الجهود الدبلوماسية بشكل كبير على مدى استعداد طرفي النزاع لإبداء المرونة وتقديم المصلحة الوطنية على الحسابات العسكرية والسياسية الضيقة. ويأمل المجتمع الدولي أن تكون اجتماعات واشنطن بداية حقيقية لإنهاء معاناة الشعب السوداني.





