ارتفاع حصيلة ضحايا حريق أبراج هونغ كونغ السكنية إلى 128 قتيلاً
أفادت السلطات المحلية في هونغ كونغ، مساء يوم الأحد الموافق 15 أكتوبر 2023، بارتفاع حصيلة الوفيات جراء الحريق الهائل الذي اندلع في مجمع أبراج سكنية متعددة الطوابق بمنطقة كولون المكتظة بالسكان، لتصل إلى 128 قتيلاً. يأتي هذا الارتفاع المأساوي في الأرقام بعد جهود مكثفة لفرق الإنقاذ والبحث التي واصلت تمشيط المباني المتضررة، مكتشفة المزيد من الضحايا المحاصرين داخل الشقق وفي ممرات الطوابق العليا. وقد أُصيب المئات أيضًا في الحادثة المروعة، ولا يزال العديد منهم يتلقون العلاج في المستشفيات، بعضهم في حالة حرجة، مما يثير مخاوف من احتمال ارتفاع الحصيلة النهائية للضحايا.

الخلفية وتفاصيل الحريق
اندلع الحريق الكبير في حوالي منتصف ليل يوم الجمعة بالتوقيت المحلي، وبدأ في أحد الأبراج السكنية التي تتكون من أكثر من 40 طابقاً قبل أن يمتد بسرعة مذهلة إلى الأبراج المجاورة. ويُعتقد أن سرعة انتشار النيران تعزى إلى عدة عوامل، منها الرياح القوية التي كانت تهب على المنطقة، ووجود مواد قابلة للاشتعال في واجهات بعض المباني، بالإضافة إلى الكثافة السكانية العالية التي حالت دون إخلاء سريع وفعال. يقع المجمع السكني في منطقة تعرف بكثافتها السكانية الهائلة وتاريخها من الحوادث المرتبطة بالسلامة في المباني القديمة والمزدحمة.
تُعد هونغ كونغ مدينة ذات ناطحات سحاب شاهقة، وكثير من مبانيها السكنية قديمة وتفتقر إلى التحديثات اللازمة في أنظمة السلامة من الحرائق، خاصة في ظل النمو السكاني المتزايد. وقد سبق أن شهدت المدينة حوادث حريق كبيرة في الماضي، أبرزها حريق مركز تجاري عام 1996 الذي أسفر عن خسائر بشرية ومادية فادحة، مما دفع السلطات آنذاك إلى مراجعة شاملة للوائح السلامة. ومع ذلك، يبدو أن تطبيق هذه اللوائح لم يكن كافياً لمنع كارثة بهذا الحجم.
التطورات الأخيرة وجهود الإنقاذ
تواصل فرق الإطفاء والإنقاذ، التي تضم مئات العناصر من مختلف الأجهزة، عمليات البحث والإنقاذ داخل الأبراج المتضررة. وقد واجهت هذه الفرق تحديات جسيمة، بما في ذلك الأضرار الهيكلية الكبيرة التي لحقت بالمباني، وانهيار أجزاء من الأسقف والجدران، والدخان الكثيف الذي لا يزال يتصاعد من الأنقاض. وتمكنت الفرق من إنقاذ أكثر من 300 شخص كانوا محاصرين، ونقلوا أكثر من 200 مصاب إلى المستشفيات القريبة. وقد استُخدمت السلالم الجوية العالية والطائرات بدون طيار لتقييم الأضرار والبحث عن ناجين في الطوابق العليا التي يصعب الوصول إليها.
أعلنت الحكومة المحلية حالة الطوارئ في المنطقة، وأقامت مراكز إيواء مؤقتة لاستقبال آلاف العائلات التي فقدت منازلها أو أجبرت على الإخلاء. كما أطلقت نداءات للتبرع بالدم والإمدادات الطبية لسد حاجة المستشفيات التي تعمل بأقصى طاقتها لاستيعاب المصابين.
أسباب الحريق والتحقيقات الجارية
بدأت السلطات تحقيقاً موسعاً لتحديد الأسباب الدقيقة للحريق وكيفية انتشاره بهذه السرعة المروعة. وقد أشارت التقارير الأولية إلى أن الحريق ربما بدأ نتيجة ماس كهربائي في أحد المطاعم الواقعة في الطابق الأرضي لأحد الأبراج، إلا أن هذا لا يزال قيد التحقيق. يركز المحققون على عدة جوانب رئيسية، منها فعالية أنظمة مكافحة الحرائق داخل الأبراج، وجودة المواد المستخدمة في البناء وواجهات المباني، والامتثال لقواعد السلامة من الحرائق، بالإضافة إلى إجراءات الإخلاء وسرعة استجابة فرق الطوارئ.
تُطرح تساؤلات جدية حول ما إذا كانت الإرشادات واللوائح الخاصة بالسلامة قد تم تطبيقها بشكل كامل، خاصة فيما يتعلق بالفحص الدوري لأنظمة الإنذار والرشاشات التلقائية ومخارج الطوارئ. ويزيد تعقيد التحقيق بسبب حجم الدمار الهائل الذي لحق بالمباني، مما يجعل جمع الأدلة أمراً صعباً ومضنياً.
تداعيات الحادث وأهميته
تعتبر هذه الكارثة واحدة من أسوأ حوادث الحرائق التي تشهدها هونغ كونغ في العقود الأخيرة، وتطرح تساؤلات ملحة حول معايير السلامة في المباني السكنية المكتظة. من المتوقع أن تدفع هذه المأساة بالحكومة المحلية لإعادة تقييم شاملة للوائح البناء والسلامة من الحرائق، وقد تؤدي إلى تشديد القوانين وتطبيق فحص دوري أكثر صرامة، خصوصاً في المباني القديمة. كما ستكون هناك دعوات لتقديم دعم نفسي واجتماعي مكثف للمتضررين والناجين من الحريق، الذين فقدوا أحباءهم ومنازلهم.
تُبرز هذه الفاجعة أهمية الاستثمار في البنية التحتية الآمنة وأنظمة السلامة الحديثة، وتذكّر بالثمن الباهظ الذي يمكن أن تدفعه المجتمعات عندما تتهاون في تطبيق هذه المعايير. إنها دعوة للعمل على مستوى المدينة لضمان أن تبقى سلامة السكان أولوية قصوى، وتجنب تكرار مثل هذه الكوارث المأساوية في المستقبل.




