الأمم المتحدة تحذر من تصعيد وشيك في كردفان وتفاقم الأزمة الإنسانية بالفاشر
تتصاعد المخاوف الدولية بشأن الوضع في السودان مع تحذيرات أطلقتها الأمم المتحدة في الأسابيع الأخيرة من تفاقم كارثي للأزمة الإنسانية في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بالتزامن مع مؤشرات على أن منطقة كردفان قد تكون الجبهة الرئيسية التالية في الصراع المدمر المستمر منذ أكثر من عام بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وتأتي هذه التحذيرات في ظل حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع على الفاشر، مما يعرض حياة مئات الآلاف من المدنيين لخطر وشيك.

الوضع الكارثي في الفاشر
تكتسب مدينة الفاشر أهمية استراتيجية كبرى، فهي آخر معقل رئيسي للجيش السوداني في إقليم دارفور الشاسع، كما أنها أصبحت ملاذاً لأكثر من 800 ألف نازح فروا من مناطق أخرى بالإقليم. ومنذ عدة أسابيع، تفرض قوات الدعم السريع وحلفاؤها من الميليشيات حصاراً مطبقاً على المدينة، تخللته اشتباكات عنيفة وقصف مدفعي وجوي استهدف الأحياء السكنية والبنية التحتية الحيوية.
وقد أدى هذا التصعيد إلى انهيار شبه كامل للقطاع الصحي في المدينة، حيث تعرض المستشفى الجنوبي، وهو المرفق الطبي الرئيسي القادر على التعامل مع الإصابات الجماعية، لهجمات متكررة أجبرته على الخروج عن الخدمة. ووفقاً لتقارير منظمات إنسانية، يواجه المدنيون المحاصرون ظروفاً مروعة تشمل:
- نقصاً حاداً في الغذاء والمياه النظيفة والأدوية.
- صعوبة بالغة في الوصول إلى الرعاية الصحية مع توقف معظم المستشفيات عن العمل.
- مخاطر الموت جراء القصف العشوائي أو أثناء محاولات الفرار عبر طرق محفوفة بالمخاطر.
- استهداف مباشر للمدنيين بناءً على هويتهم العرقية، مما يثير مخاوف من تكرار فظائع التطهير العرقي التي شهدها الإقليم سابقاً.
مخاوف من امتداد الصراع إلى كردفان
بالتوازي مع مأساة الفاشر، حذرت وكالات الأمم المتحدة من أن منطقة كردفان، التي تضم ثلاث ولايات (شمال وجنوب وغرب كردفان)، قد تشهد تصعيداً عسكرياً كبيراً في المستقبل القريب. وتعد كردفان منطقة استراتيجية تربط دارفور بالعاصمة الخرطوم ومناطق أخرى في وسط وشرق البلاد. السيطرة عليها ستمنح أي طرف في النزاع ميزة عسكرية ولوجستية حاسمة.
وتشير التقارير الميدانية إلى حشد عسكري من قبل الطرفين في مناطق مختلفة من كردفان، خاصة حول مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان. ويخشى المراقبون أن يؤدي اندلاع قتال واسع النطاق في هذه المنطقة إلى موجة نزوح جديدة هائلة، مما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية التي تعتبر بالفعل الأسوأ في العالم، حيث يعاني الملايين من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويواجهون خطر المجاعة.
التحركات الدولية والاستجابة الإنسانية
أمام هذا التدهور السريع، كثفت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية دعواتها للطرفين المتحاربين لوقف حصار الفاشر فوراً، وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. وقد أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً يطالب قوات الدعم السريع بإنهاء الحصار، لكن هذه الدعوات لم تلقَ استجابة تذكر على الأرض.
وتواجه جهود الإغاثة عقبات هائلة، حيث تمنع الأطراف المتحاربة وصول قوافل المساعدات إلى المناطق الأكثر تضرراً، بما في ذلك الفاشر. إن العجز عن إيصال الإمدادات الحيوية يهدد بحدوث مجاعة واسعة النطاق، خاصة مع اقتراب موسم الأمطار الذي سيزيد من صعوبة التنقل في أجزاء كبيرة من البلاد. ويبقى المدنيون هم الضحية الأكبر لهذا الصراع الذي دمر البنية التحتية ومزق النسيج الاجتماعي في السودان، وسط غياب أفق لحل سياسي ينهي معاناتهم.





