مسؤول بدارفور يحذر: مأساة الفاشر تكرار لما حدث في مدن أخرى
أكد مسؤول الإعلام بحكومة إقليم دارفور، عقاد بن كوني، في تصريحات صدرت مؤخراً، أن الأزمة الإنسانية والفوضى العارمة التي تشهدها مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، ليست حدثاً معزولاً، بل هي امتداد لسيناريو مأساوي شهدته مدن وولايات أخرى في السودان. وتشير هذه التصريحات إلى تفاقم الوضع في المدينة التي تتعرض لحصار وهجمات متواصلة، مما يضع حياة مئات الآلاف من المدنيين، بينهم عدد كبير من النازحين، في خطر مباشر.

خلفية الصراع في الفاشر
تكتسب مدينة الفاشر أهمية استراتيجية بالغة في الصراع السوداني الدائر منذ أبريل 2023. فهي آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور الشاسع، والمركز الرئيسي لعمليات المساعدات الإنسانية في المنطقة. تستضيف المدينة حالياً مئات الآلاف من النازحين الذين فروا من مناطق أخرى في دارفور، مما يجعلها نقطة محورية للحياة والبقاء بالنسبة للكثيرين. منذ عدة أشهر، تفرض قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها حصاراً خانقاً على المدينة، وشهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً عسكرياً خطيراً مع تكثيف القصف والهجمات بهدف السيطرة الكاملة عليها.
تصعيد الأوضاع وتكرار المآسي
تأتي تحذيرات حكومة إقليم دارفور في سياق تدهور سريع للوضع الميداني، حيث يعكس ما يجري في الفاشر نمطاً من العنف والدمار شوهد سابقاً في مدن مثل الجنينة ونيالا وزالنجي، التي سقطت في يد قوات الدعم السريع وشهدت أعمال عنف واسعة النطاق وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. الوضع الحالي في الفاشر يتسم بالتالي:
- هجمات على البنية التحتية المدنية: تعرضت المستشفيات والمرافق الحيوية لقصف متكرر. ففي أوائل يونيو 2024، أُجبر المستشفى الجنوبي، المرفق الجراحي الرئيسي في المدينة، على التوقف عن العمل بعد هجوم مباشر، مما حرم آلاف الجرحى والمرضى من الرعاية الطبية العاجلة. كما استُهدفت مخيمات النازحين والأسواق ومصادر المياه، مما أدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية.
- أزمة إنسانية متفاقمة: يعاني السكان المحاصرون من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء والوقود. وقد حذرت منظمات إغاثية دولية من أن المدينة على شفا مجاعة، وأن الوصول إليها لتقديم المساعدات أصبح شبه مستحيل بسبب القتال المستمر وانقطاع طرق الإمداد.
- وقوع ضحايا مدنيين: تتزايد أعداد القتلى والجرحى بين المدنيين بشكل يومي جراء القصف المدفعي العشوائي والغارات الجوية والاشتباكات المباشرة في الأحياء السكنية.
الأهمية والسياق الأوسع
يمثل الصراع على الفاشر منعطفاً حاسماً في الحرب السودانية. فسيطرة قوات الدعم السريع على المدينة ستعني سيطرتها على كامل إقليم دارفور، وهو ما سيمنحها نصراً استراتيجياً كبيراً ويغير موازين القوى بشكل جذري. الأهم من ذلك، يخشى المراقبون الدوليون من أن سقوط المدينة قد يؤدي إلى تكرار الفظائع التي وقعت في مناطق أخرى، بما في ذلك أعمال عنف على أساس عرقي، مما يهدد بإشعال فتيل إبادة جماعية جديدة في الإقليم الذي شهد أهوالاً مماثلة في أوائل الألفية.
ردود الفعل الدولية
أعرب المجتمع الدولي عن قلقه البالغ إزاء الأوضاع في الفاشر. وقد أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً يطالب قوات الدعم السريع بإنهاء حصارها للمدينة ووقف القتال فوراً. كما وجهت الولايات المتحدة والعديد من المنظمات الإنسانية، مثل أطباء بلا حدود، نداءات عاجلة لحماية المدنيين وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية. ومع ذلك، لم تفلح هذه الدعوات حتى الآن في وقف دوامة العنف على الأرض، مما يترك مصير مئات الآلاف من السكان معلقاً في الميزان.




