الأمم المتحدة تعلن تكثيف جهودها الإنسانية في غزة مع استئناف إدخال إمدادات حيوية
أفادت وكالات الأمم المتحدة مؤخراً بأنها تعمل على توسيع نطاق عملياتها الإنسانية بشكل كبير في قطاع غزة، في محاولة للاستجابة للأزمة المتفاقمة التي يعاني منها السكان. وفي تطور لافت، أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤؤون الإنسانية (أوتشا) دخول شحنات من غاز الطهي إلى القطاع، وذلك للمرة الأولى منذ أشهر، مما يوفر شريان حياة أساسياً للأسر التي تكافح من أجل إعداد الطعام في ظل ظروف معيشية قاسية.

تطورات إيصال المساعدات على الأرض
يُعد استئناف دخول غاز الطهي تطوراً بالغ الأهمية، حيث اضطرت العائلات على مدى الأشهر الماضية إلى اللجوء لوسائل خطرة وغير صحية للطهي، مثل حرق الأخشاب أو البلاستيك، مما زاد من المخاطر الصحية والبيئية. ورغم أن الكميات التي دخلت لا تزال محدودة مقارنة بحجم الطلب، إلا أنها تمثل خطوة إيجابية نحو تخفيف بعض جوانب المعاناة اليومية.
بالإضافة إلى غاز الطهي، تتواصل جهود المنظمات الإنسانية لإدخال إمدادات حيوية أخرى. يعمل برنامج الأغذية العالمي على توزيع الطرود الغذائية والمكملات الغذائية عالية الطاقة، بينما تركز منظمة الصحة العالمية واليونيسف على توفير الأدوية والمستلزمات الطبية للمستشفيات والعيادات القليلة التي لا تزال تعمل. كما يمثل الوقود أولوية قصوى، حيث إنه ضروري لتشغيل مولدات الكهرباء في المرافق الصحية ومحطات ضخ المياه والصرف الصحي.
السياق العام للأزمة الإنسانية
تأتي هذه الجهود المكثفة في ظل وضع إنساني كارثي في قطاع غزة. تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الغالبية العظمى من السكان، الذين يتجاوز عددهم المليوني نسمة، قد نزحوا من ديارهم، ويعيش الكثير منهم في ملاجئ مكتظة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة من مياه نظيفة وصرف صحي ورعاية صحية. لقد أدى الصراع المستمر إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية، بما في ذلك المنازل والمستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء، مما فاقم من صعوبة الحياة.
وتحذر المنظمات الإنسانية من أن خطر المجاعة لا يزال قائماً، خاصة في المناطق الشمالية من القطاع التي يصعب الوصول إليها. كما أن انهيار النظام الصحي يزيد من خطر تفشي الأمراض المعدية، مما يهدد حياة الآلاف، لا سيما الأطفال وكبار السن وذوي الحالات المرضية المزمنة.
التحديات والعقبات الرئيسية
على الرغم من التصميم على توسيع نطاق المساعدات، تواجه فرق الإغاثة الدولية والمحلية تحديات هائلة تعرقل عملها بشكل يومي. وتشمل هذه التحديات:
- المخاطر الأمنية: يشكل استمرار الأعمال العدائية خطراً مباشراً على حياة العاملين في المجال الإنساني ويعيق قدرتهم على التحرك بأمان لتوزيع المساعدات.
- العوائق اللوجستية: أدى تدمير الطرق والبنية التحتية إلى جعل الوصول إلى العديد من المناطق شبه مستحيل. كما أن نقص الشاحنات والوقود داخل غزة يحد من القدرة على نقل المساعدات من المعابر إلى السكان المحتاجين.
- قيود الوصول: لا تزال الإجراءات المعقدة عند المعابر الحدودية تبطئ من وتيرة دخول المساعدات. وتطالب الأمم المتحدة باستمرار بفتح المزيد من نقاط العبور وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع وآمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء القطاع.
الأهمية والآفاق المستقبلية
يرى مسؤولو الأمم المتحدة أن زيادة تدفق المساعدات، رغم أهميتها القصوى، لا يمكن أن تكون بديلاً عن حل سياسي ينهي الصراع. وقد أكد المنسق الأممي للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، في مناسبات عدة أن المساعدات الإنسانية وحدها لا تستطيع معالجة الأسباب الجذرية للأزمة أو تلبية الاحتياجات الهائلة للسكان على المدى الطويل.
لذلك، تتواصل الدعوات الدولية من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وضمان حماية المدنيين بموجب القانون الدولي، والسماح ببدء عملية تعافٍ وإعادة إعمار شاملة. وتظل الاستجابة الإنسانية معتمدة بشكل كلي على الإرادة السياسية للأطراف المعنية وعلى دعم المجتمع الدولي لضمان استمرارها وفعاليتها.





