الإخلاء الفوري للمستأجر: تعديلات قانون الإيجار القديم تحدد حالة الطرد دون إنذار
تستمر تداعيات قانون الإيجار القديم في إثارة الجدل في الأوساط المصرية، حيث يمثل هذا التشريع نقطة خلاف تاريخية بين الملاك والمستأجرين. وفي تطور حديث، دخل القانون رقم 164 لسنة 2025 حيز التنفيذ رسميًا في شهر سبتمبر الماضي، بعد أن تم التصديق عليه ونشره في الجريدة الرسمية في 4 أغسطس 2025. يسلط هذا القانون الضوء مجددًا على الحالات التي يجوز فيها للمالك إخلاء المستأجر، مع التركيز على حالة استثنائية محددة تسمح بالطرد الفوري دون الحاجة إلى إنذار مسبق، مما يثير مخاوف وقلقًا لدى شريحة واسعة من المستأجرين الخاضعين لهذا النظام.

خلفية عن قانون الإيجار القديم
يعد قانون الإيجار القديم أحد القوانين التي تم سنها في مصر في منتصف القرن العشرين بهدف توفير السكن بأسعار معقولة وحماية المستأجرين من الزيادات العشوائية في الإيجارات. وبموجب هذا القانون، تم تجميد القيمة الإيجارية للوحدات السكنية وغير السكنية، مع امتداد عقود الإيجار تلقائيًا لورثة المستأجر الأصلي في بعض الحالات، مما أدى إلى علاقة إيجارية شبه دائمة. ومع مرور الزمن، أصبحت القيمة الإيجارية لهذه الوحدات زهيدة جدًا مقارنة بالأسعار السوقية الحالية، وهو ما يعتبره الملاك إجحافًا كبيرًا بحقوقهم، بينما يرى المستأجرون في القانون حماية اجتماعية ضرورية.
التعديلات الجديدة وحالة الطرد الفوري
يأتي القانون الجديد ليوضح ويفصل في بعض بنود الإخلاء التي كانت موجودة مسبقًا، لكنه يشدد بشكل خاص على حالة واحدة تعد الأخطر بالنسبة للمستأجر. تنص التعديلات على أن إثبات قيام المستأجر بإحداث "أضرار جسيمة بالعين المؤجرة تهدد سلامة المبنى" يمنح المالك الحق في اللجوء إلى القضاء المستعجل لطلب الإخلاء الفوري. في هذه الحالة، لا يلتزم المالك بتوجيه إنذار رسمي للمستأجر أو منحه مهلة للسداد أو الإصلاح كما هو معمول به في حالات أخرى مثل التأخر في دفع الإيجار.
ويشترط لتطبيق هذا البند أن يكون الضرر مؤكدًا من خلال تقرير فني أو هندسي صادر عن جهة معتمدة يثبت أن الأفعال التي ارتكبها المستأجر، سواء عن عمد أو إهمال شديد، قد أثرت على السلامة الإنشائية للعقار. وتشمل هذه الأفعال على سبيل المثال:
- إزالة جدران أو أعمدة حاملة دون الحصول على ترخيص هندسي.
- القيام بأعمال بناء أو تعديلات داخل الوحدة تؤثر على أساسات المبنى.
- التسبب في تسرب مياه متكرر وشديد يؤدي إلى تآكل الخرسانة وهيكل العقار.
الأهمية والتأثير على الملاك والمستأجرين
يرى الملاك في هذا التعديل خطوة إيجابية ضرورية لحماية ممتلكاتهم من التلف أو الانهيار، خاصة في ظل صعوبة إجراءات التقاضي العادية التي قد تستغرق سنوات. فهو يمنحهم أداة قانونية سريعة للتدخل في الحالات الطارئة التي تهدد استثماراتهم وسلامة باقي سكان العقار. ويعتبرون أن هذا الإجراء يستهدف فقط المستأجر "المسيء" الذي لا يحافظ على الممتلكات المؤتمن عليها.
على الجانب الآخر، يعبر المستأجرون عن قلقهم من إمكانية استغلال هذا البند بشكل تعسفي. يخشى البعض أن يلجأ بعض الملاك إلى افتعال أسباب أو المبالغة في تقدير الأضرار بهدف الحصول على حكم إخلاء سريع للتخلص من عقود الإيجار القديمة. ويطالبون بضمانات قانونية تضمن أن تكون تقارير الخبرة الفنية محايدة ودقيقة، وأن يظل للقضاء الدور النهائي في تقدير حجم الضرر ومدى خطورته قبل إصدار حكم بالطرد.
حالات الإخلاء الأخرى في القانون
للتوضيح، فإن حالة الضرر الجسيم هي حالة استثنائية، بينما تبقى حالات الإخلاء التقليدية الأخرى خاضعة للإجراءات المعتادة التي تتضمن الإنذار والتقاضي. من أبرز هذه الحالات:
- الامتناع عن سداد الإيجار: بعد إنذار المستأجر رسميًا وتخلفه عن السداد خلال المدة القانونية.
- التأجير من الباطن أو التنازل عن الوحدة: إذا قام المستأجر بتأجير الوحدة لشخص آخر دون موافقة كتابية وصريحة من المالك.
- تغيير نشاط الوحدة: كتحويل شقة سكنية إلى مكتب تجاري أو عيادة دون إذن.
- استخدام الوحدة في أعمال منافية للآداب العامة: وهو ما يتطلب حكمًا قضائيًا نهائيًا لإثباته.
يؤكد الخبراء القانونيون أن التشريع الجديد، رغم تركيزه على حالة الخطر الداهم، لا يغير من القواعد العامة المستقرة في علاقة الإيجار القديمة، ولكنه يضع آلية حاسمة للتعامل مع المواقف التي تهدد السلامة العامة بشكل مباشر.





