تعديلات قانون الإيجار القديم: تفاصيل التنفيذ وحالات إنهاء العقد
بدأ رسميًا في 5 أغسطس 2025 تطبيق أحكام القانون رقم 164 لسنة 2025، المعروف إعلاميًا بـ "قانون الإيجار القديم الجديد"، وذلك بعد تصديق رئيس الجمهورية عليه ونشره في الجريدة الرسمية في اليوم السابق. يهدف هذا التشريع إلى معالجة واحدة من أكثر القضايا الاجتماعية والاقتصادية تعقيدًا في مصر، وهي العلاقة بين الملاك والمستأجرين في الوحدات السكنية الخاضعة للقوانين الاستثنائية القديمة، واضعًا إطارًا زمنيًا وقانونيًا واضحًا لإنهاء هذه العقود تدريجيًا.

خلفية تاريخية: إشكالية عقود الإيجار القديم
تعود جذور قضية الإيجار القديم إلى قوانين استثنائية صدرت في منتصف القرن العشرين بهدف توفير سكن بأسعار معقولة في ظل ظروف اقتصادية معينة. وقد أدت هذه القوانين إلى تجميد القيمة الإيجارية عند مستويات منخفضة جدًا ومنح المستأجرين حق التوريث، مما أدى إلى امتداد العقود لعقود طويلة دون تغيير. ومع مرور الزمن، تسببت هذه الأوضاع في خلافات عميقة بين الملاك، الذين رأوا أن ممتلكاتهم فقدت قيمتها الاقتصادية، والمستأجرين، الذين اعتمدوا على هذه الوحدات كملاذ آمن بأسعار زهيدة في مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.
على مدى سنوات، فشلت محاولات عديدة للوصول إلى حل توافقي، حيث كانت أي مقترحات للتعديل تثير جدلًا واسعًا. وفي عام 2022، صدر قانون عالج أوضاع الوحدات غير السكنية (التجارية والإدارية)، لكن ظلت الوحدات السكنية هي الملف الأكثر حساسية، إلى أن جاء القانون الجديد ليضع خارطة طريق لمعالجتها.
أبرز ملامح القانون الجديد رقم 164 لسنة 2025
يقدم القانون الجديد آلية تدريجية تهدف إلى تحقيق التوازن بين حقوق الطرفين. وتتمثل أبرز ملامحه في وضع فترة انتقالية تهدف إلى تحرير العلاقة الإيجارية وإعادتها إلى أحكام القانون المدني. وتشمل النقاط الرئيسية ما يلي:
- فترة انتقالية: يحدد القانون فترة انتقالية مدتها عشر سنوات من تاريخ بدء العمل به، يتم خلالها زيادة القيمة الإيجارية بشكل سنوي وتدريجي.
- زيادة إيجارية دورية: ينص القانون على زيادة القيمة الإيجارية الحالية بنسبة محددة سنويًا، بهدف الوصول إلى قيمة سوقية عادلة مع نهاية الفترة الانتقالية.
- إنهاء العقد: بعد انتهاء الفترة الانتقالية، ينتهي العقد تلقائيًا، ويجب على المستأجر إخلاء الوحدة السكنية وتسليمها للمالك، ما لم يتم الاتفاق بين الطرفين على إبرام عقد جديد بقيمة إيجارية جديدة وفقًا لأسعار السوق.
- حالات خاصة: يراعي القانون بعض الحالات الاجتماعية الخاصة، حيث يوفر بدائل أو دعمًا للفئات غير القادرة لضمان عدم تضررها بشكل كبير من تطبيق القانون.
حالات الإخلاء التي لا تتطلب انتظار الفترة الانتقالية
على الرغم من أن الأصل في القانون هو إنهاء العلاقة الإيجارية بعد انتهاء الفترة الانتقالية، فإنه يحدد بوضوح عدة حالات يُعتبر فيها العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه، مما يمنح المالك الحق في طلب الإخلاء الفوري عبر القضاء دون الحاجة إلى انتظار انتهاء السنوات العشر. هذه الحالات تمثل إخلالًا جسيمًا ببنود التعاقد وتهدف إلى حماية حقوق الملكية. وتشمل هذه الحالات:
- الامتناع عن سداد القيمة الإيجارية (بعد زيادتها) لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر متتالية، بعد إنذاره رسميًا من قبل المالك.
- إثبات قيام المستأجر بتأجير الوحدة من الباطن أو التنازل عنها للغير دون موافقة كتابية صريحة من المالك.
- إحداث أضرار جسيمة بالعين المؤجرة أو تغيير جوهري في بنيتها الأساسية دون الحصول على إذن من المالك.
- استخدام الوحدة السكنية في أنشطة غير مشروعة أو منافية للآداب العامة، وهو ما يتم إثباته بموجب حكم قضائي نهائي.
- تغيير الغرض المخصص للاستخدام من "سكني" إلى "تجاري" أو "إداري" دون موافقة المالك.
تُعد هذه البنود بمثابة صمام أمان للملاك وتؤكد على أن الحقوق التي يمنحها القانون للمستأجر خلال الفترة الانتقالية مشروطة بالتزامه بواجباته الأساسية.
التأثيرات المتوقعة على سوق العقارات
من المتوقع أن يُحدث القانون الجديد تغييرات ملموسة في سوق العقارات المصري. يرى الخبراء أن تحرير آلاف الوحدات السكنية المغلقة أو ذات الإيجارات المتدنية سيزيد من المعروض في السوق، مما قد يؤدي إلى استقرار نسبي في أسعار الإيجارات على المدى الطويل. كما يتوقع أن يشجع القانون الملاك على صيانة وتطوير ممتلكاتهم بعد استعادة حقهم في تحديد قيمتها الإيجارية. في المقابل، عبرت جمعيات حماية المستأجرين عن قلقها من التداعيات الاجتماعية المحتملة، مطالبة بضرورة تفعيل آليات الدعم الحكومي المعلن عنها لضمان توفير سكن بديل للفئات الأكثر احتياجًا قبل انتهاء الفترة الانتقالية.





