الاتحاد الأوروبي يبحث منح أوكرانيا قرضاً بضمانة الأصول الروسية المجمدة
يجري قادة مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي مناقشات متقدمة حول خطة طموحة لتقديم دعم مالي كبير لأوكرانيا، وذلك من خلال الاستفادة من الأرباح المستقبلية الناتجة عن الأصول السيادية الروسية المجمدة. وتأتي هذه الخطوة في وقت حاسم تسعى فيه كييف لتأمين تمويل مستدام لمجهودها الحربي واحتياجاتها الاقتصادية، في ظل استمرار الصراع مع روسيا.

تفاصيل الخطة المقترحة
تتمحور الفكرة الأساسية التي تقودها الولايات المتحدة بشكل خاص، حول عدم مصادرة الأصول الروسية بشكل مباشر، وهو إجراء محفوف بالمخاطر القانونية والسياسية، بل استخدام الأرباح السنوية التي تولدها هذه الأصول كضمانة لإصدار قرض ضخم لأوكرانيا. وتقدر قيمة القرض المقترح بحوالي 50 مليار دولار أمريكي، سيتم منحه لكييف دفعة واحدة أو على دفعات، مما يوفر لها سيولة مالية فورية ومهمة. وسيتم سداد هذا القرض على مدى سنوات عديدة باستخدام الفوائد والأرباح الناتجة عن الأصول الروسية المحتجزة، والتي تقدر قيمتها الإجمالية بحوالي 300 مليار دولار، يتمركز معظمها في مؤسسات مالية أوروبية، أبرزها مؤسسة "يوروكلير" في بلجيكا.
السياق والخلفية
منذ بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، قامت الدول الغربية بتجميد أصول البنك المركزي الروسي الموجودة ضمن ولاياتها القضائية كجزء من حزمة عقوبات واسعة. ولفترة طويلة، دار الجدل حول كيفية استخدام هذه الأموال لمساعدة أوكرانيا. وبينما طالبت كييف بمصادرتها بالكامل، أبدت عدة دول أوروبية، وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا، بالإضافة إلى البنك المركزي الأوروبي، تحفظات كبيرة. وتتمثل هذه التحفظات في المخاوف من أن تشكل المصادرة المباشرة انتهاكاً للقانون الدولي ومبدأ الحصانة السيادية، مما قد يضعف الثقة في اليورو كعملة احتياطية ويدفع دولاً أخرى لسحب أصولها من أوروبا. جاء مقترح القرض كحل وسط يهدف إلى تجاوز هذه العقبات القانونية، حيث تبقى الأصول نفسها مملوكة لروسيا من الناحية النظرية، بينما يتم استخدام عوائدها فقط.
مواقف الأطراف الرئيسية
تتباين المواقف الدولية تجاه هذه الخطة، مما يعكس توازنات سياسية واقتصادية معقدة:
- الولايات المتحدة: تعد الداعم الأبرز للخطة، حيث ترى فيها وسيلة مبتكرة لضمان حصول أوكرانيا على دعم مالي كبير وفوري دون انتظار الإجراءات التشريعية السنوية للمساعدات.
- الاتحاد الأوروبي: كان أكثر حذراً في البداية، لكنه يتجه الآن نحو تبني الفكرة. وقد وافق التكتل بالفعل على استخدام الأرباح غير المتوقعة (Windfall Profits) من الأصول بشكل مباشر لمساعدة أوكرانيا، وتعتبر خطة القرض التي تدعمها مجموعة السبع تطوراً وتوسيعاً لهذه الفكرة.
- أوكرانيا: رحبت بالخطوة بشدة، معتبرة إياها دعماً حيوياً لاقتصادها المنهك. ومع ذلك، لا تزال الحكومة الأوكرانية تؤكد أن هدفها النهائي هو الحصول على الأصول الروسية كاملة كتعويضات عن أضرار الحرب.
- روسيا: أدانت الخطة بشدة، ووصفت أي استخدام لأصولها بأنه "سرقة". وهدد الكرملين باتخاذ إجراءات انتقامية، قد تشمل مصادرة أصول غربية داخل روسيا ورفع دعاوى قضائية طويلة الأمد.
التحديات والآفاق المستقبلية
على الرغم من التقدم المحرز في المحادثات، لا تزال هناك تحديات فنية وقانونية تحتاج إلى حل. من بين الأسئلة الرئيسية المطروحة: من سيصدر القرض؟ وكيف سيتم تقاسم المخاطر بين الدول المشاركة؟ وماذا سيحدث إذا انخفضت أسعار الفائدة بشكل كبير، مما يقلل من الأرباح السنوية؟ كما أن الخطر القانوني المتمثل في الطعون الروسية المحتملة لا يزال قائماً. من المتوقع أن يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن هذه الخطة خلال قمة قادة مجموعة السبع المقبلة، حيث يمثل الاتفاق عليها، إن تم، رسالة سياسية قوية لروسيا وتأكيداً على الالتزام الغربي طويل الأمد بدعم أوكرانيا.





