التأمين الصحي الشامل في مصر: انطلاق المرحلة الثانية ليشمل 5 محافظات جديدة
تواصل الحكومة المصرية جهودها لتوسيع نطاق منظومة التأمين الصحي الشامل، معلنةً عن بدء الاستعدادات المكثفة لإطلاق المرحلة الثانية من المشروع الوطني الطموح. وتستهدف هذه المرحلة الجديدة ضم خمس محافظات إضافية إلى المنظومة، وذلك عقب اكتمال التشغيل الفعلي للمرحلة الأولى التي أرست الأساس لنظام رعاية صحية متكامل يهدف إلى تغطية جميع المواطنين.

خلفية عن المشروع ونجاح المرحلة الأولى
يُعد مشروع التأمين الصحي الشامل أحد أبرز المشروعات القومية التي أطلقتها مصر في إطار تحقيق أهداف "رؤية مصر 2030"، حيث يهدف إلى إصلاح القطاع الصحي بشكل جذري. يقوم النظام على مبدأ التكافل الاجتماعي، ويضمن توفير خدمات طبية عالية الجودة لجميع أفراد الأسرة دون تمييز، مع تقليل الأعباء المالية المباشرة التي يتحملها المواطنون عند تلقي العلاج.
وقد شهدت المرحلة الأولى من المشروع، التي انطلقت تجريبيًا في محافظة بورسعيد عام 2019، نجاحًا ملحوظًا في تطبيق النموذج الجديد للرعاية الصحية. وامتدت هذه المرحلة لتشمل ست محافظات بشكل كامل، وهي: بورسعيد، الأقصر، الإسماعيلية، جنوب سيناء، أسوان، والسويس، مقدمةً الخدمات لملايين المواطنين عبر شبكة واسعة من المستشفيات ووحدات الرعاية الأولية التي تم تطويرها واعتمادها وفقًا لمعايير الجودة العالمية.
تفاصيل المرحلة الثانية والمحافظات المستهدفة
وفقًا للتصريحات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة والسكان والهيئة العامة للرعاية الصحية خلال الفترة الأخيرة، تركز المرحلة الثانية على مد مظلة التأمين لتشمل فئات جديدة من السكان في مناطق جغرافية متنوعة. ومن المقرر أن تغطي هذه المرحلة ما يقرب من 12 مليون مواطن، مما يمثل خطوة هامة نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة على مستوى الجمهورية.
المحافظات الخمس التي تم اختيارها للانضمام إلى المنظومة في هذه المرحلة هي:
- مطروح
- البحر الأحمر
- قنا
- أسيوط
- المنوفية
ويأتي اختيار هذه المحافظات بناءً على دراسات دقيقة لتقييم الجاهزية والبنية التحتية الصحية، مع الأخذ في الاعتبار الكثافة السكانية والاحتياجات الطبية لكل منطقة.
الاستعدادات الجارية والتحديات
تعمل أجهزة الدولة المعنية، وعلى رأسها الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل والهيئة العامة للرعاية الصحية، بشكل متسارع لتهيئة البنية التحتية اللازمة في المحافظات الخمس الجديدة. وتشمل هذه الاستعدادات عمليات شاملة لرفع كفاءة وتطوير المستشفيات والوحدات الصحية، بالإضافة إلى ميكنة الخدمات لربط جميع مكونات المنظومة إلكترونيًا.
كما انطلقت بالفعل عمليات تسجيل بيانات المواطنين وفتح ملفات طبية عائلية، وهي خطوة أساسية لضمان سهولة حصولهم على الخدمات فور بدء التشغيل الفعلي. وأكد المسؤولون أن أحد أهم جوانب الاستعداد هو تدريب الكوادر الطبية والإدارية لضمان تقديم خدمة تليق بالمواطن المصري وتتوافق مع معايير الجودة المعتمدة.
الأهمية والأثر المتوقع
يمثل التوسع في تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل نقلة نوعية في مفهوم الرعاية الصحية في مصر. فمن خلال هذا النظام، تتحول الدولة من تقديم العلاج عند المرض إلى توفير منظومة متكاملة تشمل الوقاية والكشف المبكر والعلاج، مما يساهم في تحسين المؤشرات الصحية العامة. كما يُتوقع أن يؤدي النظام إلى تخفيف العبء المالي عن كاهل الأسر المصرية، حيث يعتمد على اشتراكات رمزية تتناسب مع القدرة المالية لكل فرد، بينما تتحمل الدولة العبء الأكبر عن غير القادرين.
على المدى الطويل، يهدف المشروع إلى خلق قطاع صحي تنافسي ومستدام، قادر على مواكبة التطورات العالمية وتقديم أفضل خدمة ممكنة للمواطنين، وهو ما يجعله ركيزة أساسية في استراتيجية التنمية المستدامة للدولة.





