مواكبة للتضخم: هيئة التأمين الصحي الشامل تقر تحديث قوائم الأسعار اعتبارًا من يناير 2026
في خطوة استراتيجية تهدف إلى ضمان استدامة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، أقر مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل في مصر، خلال اجتماعه رقم (99)، تحديثًا شاملًا لقوائم أسعار الخدمات الطبية المقدمة ضمن المنظومة. ومن المقرر أن يدخل هذا التحديث حيز التنفيذ اعتبارًا من الأول من يناير 2026، بهدف مواكبة المتغيرات الاقتصادية وضمان تقديم مقابل عادل لمقدمي الخدمة من القطاعين العام والخاص.

خلفية القرار وأسبابه الرئيسية
يأتي هذا القرار استجابة للتحديات الاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة، والتي أثرت بشكل مباشر على تكاليف التشغيل في القطاع الصحي. وتتمثل الدوافع الأساسية وراء هذه المراجعة في عدة نقاط حيوية:
- معدلات التضخم: أدت الزيادة المستمرة في معدلات التضخم إلى ارتفاع تكلفة المستلزمات الطبية والأدوية والأجهزة، بالإضافة إلى زيادة التكاليف التشغيلية العامة للمنشآت الصحية.
- تكاليف التشغيل: شهدت أجور العاملين في القطاع الصحي وتكاليف الطاقة والصيانة ارتفاعًا ملحوظًا، مما وضع ضغطًا ماليًا على مقدمي الخدمات الطبية.
- تحفيز القطاع الخاص: تعتبر مشاركة القطاع الخاص ركيزة أساسية لنجاح منظومة التأمين الصحي الشامل. ويهدف تحديث الأسعار إلى جعل التعاقد مع الهيئة خيارًا جذابًا ماليًا للمستشفيات والمراكز الطبية الخاصة، مما يوسع شبكة الخدمات المتاحة للمستفيدين ويرفع من مستوى التنافسية والجودة.
وأكدت الهيئة أن الأسعار الحالية لم تعد تعكس التكلفة الحقيقية للخدمات، مما قد يؤثر سلبًا على جودة الرعاية الصحية المقدمة وعلى قدرة المنظومة على التوسع واستقطاب أفضل مقدمي الخدمة.
آلية التسعير الجديدة ودورها في الاستدامة
لضمان تحقيق العدالة والشفافية، استعانت الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل بجهة استشارية دولية متخصصة لوضع آلية تسعير ديناميكية جديدة. تعتمد هذه الآلية على دراسة دقيقة للتكاليف الفعلية للخدمات الصحية، مع الأخذ في الاعتبار مجموعة من المؤشرات الاقتصادية المتغيرة. وبموجب الآلية الجديدة، لن تكون الأسعار ثابتة، بل ستخضع لمراجعة دورية لتتوافق مع أي مستجدات اقتصادية، مثل التغير في أسعار الصرف ومعدلات التضخم، مما يضمن استجابة مرنة ومستدامة للمنظومة على المدى الطويل.
التأثير المتوقع على أطراف المنظومة
من المتوقع أن يكون لقرار تحديث الأسعار تأثير إيجابي متعدد الأبعاد على جميع الأطراف المعنية. فعلى صعيد مقدمي الخدمة، يوفر القرار حافزًا ماليًا قويًا للانضمام إلى المنظومة والاستثمار في تطوير خدماتهم، مع ضمان تغطية تكاليفهم التشغيلية وتحقيق هامش ربح عادل. أما بالنسبة للمستفيدين من المواطنين، فإن توسيع شبكة مقدمي الخدمة، خاصة من القطاع الخاص، يعني توفير خيارات أوسع وجودة رعاية صحية أفضل. ومن المهم الإشارة إلى أن مساهمات المواطنين في النظام محددة بموجب القانون ولا تتأثر بشكل مباشر بتغيير قائمة الأسعار التي تدفعها الهيئة للمستشفيات.
قرارات استراتيجية أخرى
لم يقتصر اجتماع مجلس الإدارة على مناقشة تحديث الأسعار فقط، بل شهد أيضًا اعتماد مجموعة من القرارات الهامة الأخرى التي تدعم مسيرة عمل الهيئة. حيث وافق المجلس على الموازنة التخطيطية للهيئة للعام المالي 2024-2025، كما تم اعتماد القوائم المالية والحسابات الختامية عن العام المالي المنتهي في 30 يونيو 2023. وتعكس هذه القرارات التزام الهيئة بالتخطيط المالي السليم والحوكمة لضمان تحقيق أهدافها في مد مظلة التأمين الصحي الشامل إلى كافة محافظات الجمهورية بكفاءة واستدامة.





