الحكومة المصرية تحسم الجدل: حقيقة انخفاض منسوب مياه النيل
أصدرت الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الموارد المائية والري، توضيحات حاسمة ردًا على الشائعات التي انتشرت بشكل واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الأخيرة، والتي زعمت انخفاضًا مقلقًا في منسوب مياه نهر النيل وصل إلى حد الجفاف في بعض المناطق. وأكدت الجهات الرسمية أن ما يتم تداوله هو صور ومعلومات مضللة لا تعكس الواقع، وأن الانخفاض الملحوظ في بعض أجزاء النهر هو إجراء سنوي مخطط له ومؤقت.

خلفية الشائعات وتداولها
خلال مطلع العام الحالي، انتشرت صور ومقاطع فيديو على نطاق واسع تُظهر انحسارًا واضحًا لمياه النيل في مناطق مختلفة، بما في ذلك أجزاء من القاهرة والمحافظات الأخرى، مما أثار حالة من القلق العام. وقد ربط مروجو هذه الشائعات بين هذا الانخفاض الظاهري وبين تأثيرات سد النهضة الإثيوبي أو تغيرات مناخية كارثية، محذرين من أزمة مياه وشيكة. واستغلت هذه المنشورات الأهمية الحيوية لنهر النيل بالنسبة لمصر، كونه شريان الحياة والمصدر الرئيسي للمياه لأكثر من 100 مليون نسمة، مما ساهم في سرعة انتشارها وتصديقها من قبل شريحة واسعة من المواطنين.
التوضيح الرسمي من الحكومة المصرية
لمواجهة هذه المعلومات المغلوطة، أصدر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري بيانًا مفصلًا، نفى فيه بشكل قاطع كل ما يتردد حول جفاف النيل. وأوضح البيان أن انخفاض المنسوب الملاحظ في بعض المناطق هو نتيجة مباشرة لتنفيذ ما يعرف بـ"السدة الشتوية". وهي فترة سنوية تقوم فيها الوزارة بخفض تصريف المياه من السد العالي بشكل متحكم فيه.
وأفادت الوزارة أن هذا الإجراء ضروري ويتم بشكل دوري كل عام، عادةً في الفترة الممتدة من أواخر ديسمبر إلى أوائل فبراير، لتحقيق عدة أهداف حيوية، منها:
- تنفيذ أعمال الصيانة والتطهير الدورية للمجاري المائية وشبكات الترع والمصارف.
 - إزالة الحشائش والنباتات المائية التي تعيق حركة المياه.
 - صيانة وتأهيل المنشآت المائية المختلفة مثل الكباري والقناطر لضمان كفاءتها.
 - توفير فرصة لتنفيذ مشروعات قومية على جانبي النهر تتطلب منسوبًا منخفضًا للمياه.
 
وشددت الوزارة على أن هذا الإجراء مؤقت ولا يؤثر إطلاقًا على إمدادات مياه الشرب أو الاحتياجات المائية الأساسية للمواطنين والقطاعات الحيوية، حيث يتم الاعتماد على المخزون المائي في مجرى النهر وفروعه لتلبية هذه الاحتياجات خلال فترة السدة الشتوية. كما أكدت أن بحيرة ناصر خلف السد العالي تحتوي على مخزون استراتيجي ضخم من المياه يكفي لتلبية احتياجات البلاد لسنوات قادمة.
سياق أوسع وقضية سد النهضة
تأتي حساسية المصريين تجاه أي أخبار تتعلق بنهر النيل في سياق أوسع من القلق المستمر بشأن قضية سد النهضة الإثيوبي. فعلى مدار العقد الماضي، شكل السد مصدر قلق وطني في مصر والسودان خشية تأثيره على حصتهما التاريخية من مياه النيل. هذا القلق المزمن يجعل الرأي العام المصري أكثر قابلية لتصديق الشائعات المتعلقة بمنسوب النهر، حيث يتم تفسير أي تغيير ملحوظ على أنه مؤشر سلبي مرتبط بملء وتشغيل السد في إثيوبيا.
أهمية الخبر ودعوة لتوخي الدقة
يكمن جوهر هذا التوضيح الحكومي في طمأنة الرأي العام وقطع الطريق على مروجي الشائعات الذين يستغلون القضايا الحيوية لإثارة البلبلة. وقد دعت الحكومة المصرية المواطنين ووسائل الإعلام إلى ضرورة تحري الدقة واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية الموثوقة، وعدم الانسياق وراء الأخبار المجهولة المصدر التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار وإثارة المخاوف. ويؤكد هذا الموقف على أهمية الشفافية في إدارة الملفات ذات الأهمية الوطنية القصوى، مثل ملف الأمن المائي.





