الداعية السعودي عائض القرني يوضح تصريحاته حول الموت ومراسم العزاء بعد جدل واسع
أثارت تصريحات للداعية السعودي البارز، الدكتور عائض القرني، في أواخر شهر أكتوبر 2023، جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية وخارجها. جاء الجدل عقب انتشار مقطع فيديو تحدث فيه القرني عن بعض السلوكيات الاجتماعية التي لاحظها في مجالس العزاء، والتي اعتبرها غير متوافقة مع هيبة الموت وحرمة المناسبة، مما دفعه لاحقاً إلى إصدار توضيح مفصل حول مقصده من هذه التصريحات.

أصل الجدل: التصريحات الأولية للقرني
بدأت القصة بتداول مقطع فيديو، نُشر في البداية على حساب الداعية على تطبيق سناب شات، ينتقد فيه بعض الممارسات التي أصبحت شائعة في سرادقات العزاء. أشار القرني إلى أن بعض هذه التجمعات تحولت إلى مناسبات اجتماعية، حيث ينشغل الحاضرون بالأحاديث الجانبية والضحك وتناول الولائم الفاخرة، بشكل قد يتناسى فيه الحاضرون الهدف الأساسي من وجودهم، وهو مواساة أهل الفقيد والدعاء للميت. ووصف كيف أن البعض قد لا يعرف حتى اسم المتوفى، بينما ينهمك في الأكل والشرب والأحاديث الدنيوية، الأمر الذي اعتبره انتقاصًا من مشاعر أهل المصاب.
ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي
بمجرد انتشار المقطع، انقسمت آراء المتابعين والنشطاء على منصات مثل "إكس" (تويتر سابقاً) وفيسبوك، وظهرت عدة وجهات نظر متباينة حول القضية:
- المؤيدون: رأى فريق كبير أن كلام الشيخ القرني يلامس الواقع، وأن هناك بالفعل مبالغات وتجاوزات في بعض مراسم العزاء أفرغتها من مضمونها الروحي والإنساني. وأشادوا بجرأته في طرح قضية اجتماعية حساسة بهدف إصلاحها والعودة بها إلى البساطة والتركيز على المواساة.
- المنتقدون: في المقابل، اعتبر فريق آخر أن الداعية قام بتعميم ملاحظات فردية على المجتمع بأكمله، وأن في كلامه نوعًا من القسوة وعدم مراعاة لمشاعر الناس في أوقات حزنهم. وأشاروا إلى أن إكرام الضيف وتقديم الطعام في العزاء هو جزء من العادات والتقاليد العربية الأصيلة التي تهدف إلى تخفيف العبء عن أهل المتوفى والتعبير عن التكافل الاجتماعي.
- المحللون للسياق الاجتماعي: تبنى آخرون موقفًا وسطيًا، موضحين أن هذه الظواهر موجودة بالفعل ولكنها ليست القاعدة، وأنها تختلف باختلاف المناطق والثقافات داخل المملكة نفسها. ورأوا أن النقاش بحد ذاته صحي لتصويب بعض الممارسات الخاطئة دون الإخلال بالهدف النبيل من العزاء.
توضيح الشيخ القرني ورده على الانتقادات
استجابة للضجة التي أحدثها الفيديو، نشر الدكتور عائض القرني مقطعاً توضيحياً آخر سعى من خلاله إلى إزالة أي لبس حول تصريحاته. أكد القرني أنه لم يكن يقصد أبداً انتقاد أصل العزاء أو عادة إكرام المعزين، فهذه من السنن الحسنة والعادات الطيبة. وأوضح أن نقده كان موجهاً حصراً إلى السلوكيات السلبية والمظاهر المبالغ فيها التي ترافق بعض مجالس العزاء، مثل الإسراف في الطعام، وارتفاع الأصوات بالضحك والأحاديث التي لا تليق بجلال الموقف. وشدد على أن هدفه كان النصح والإرشاد برفق، ودعوة الناس إلى تعظيم حرمة الموت ومراعاة مشاعر أهل الفقيد، الذين يكونون في أمس الحاجة إلى السكينة والمواساة الصادقة.
أهمية القضية والسياق الثقافي
تكمن أهمية هذا الجدل في كونه يسلط الضوء على قضية أعمق تتعلق بالتغيرات الاجتماعية وتأثيرها على العادات والتقاليد الراسخة. فبينما يتمسك المجتمع بقيم التكافل والمواساة، تدخل عليه أحياناً مظاهر استهلاكية واجتماعية قد تغير من جوهر هذه العادات. كما يُظهر النقاش الدور الكبير الذي يلعبه رجال الدين والمؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام وإثارة حوارات مجتمعية حول قضايا ثقافية ودينية ذات صلة بحياة الناس اليومية.




