تصريحات عائض القرني حول جمع التبرعات للموتى تشعل جدلاً واسعاً
أثارت تصريحات حديثة للداعية السعودي البارز، الشيخ عائض القرني، موجة واسعة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية. تركز الجدل حول مقطع فيديو نشره القرني، تناول فيه قضية جمع الأموال والتبرعات للمتوفين، مشدداً على أولويات شرعية يرى أنها غالباً ما يتم إغفالها.

تفاصيل التصريحات ومضمونها
في المقطع الذي انتشر بشكل كبير، وجه الشيخ القرني انتقاداً للممارسة الشائعة المتمثلة في إسراع أهالي المتوفى لجمع تبرعات ضخمة بهدف تنفيذ مشاريع خيرية كـ"صدقة جارية"، مثل بناء المساجد أو حفر الآبار، بينما قد يكون على المتوفى ديون مالية لم تُسدد. وأوضح القرني أن الأولوية الدينية والشرعية المطلقة هي سداد ديون الميت أولاً، معتبراً أن "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يُقضى عنه". واستخدم مثالاً توضيحياً لشخص يتوفى وعليه دين، في حين يسارع أبناؤه لجمع مبالغ تفوق قيمة الدين بكثير لإنشاء وقف خيري، مؤكداً أن هذا التصرف يخالف الترتيب الصحيح للأولويات في الشريعة الإسلامية.
ردود فعل متباينة وانقسام في الآراء
فور انتشار المقطع، انقسمت آراء المتابعين والنشطاء على مواقع التواصل، خاصة منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، إلى فريقين رئيسيين:
- فريق معارض: رأى هذا الفريق في كلام القرني تثبيطاً عن أعمال الخير والصدقات الجارية، والتي تعد من الأبواب العظيمة التي يصل أجرها للميت بعد وفاته. واعتبر البعض أن الداعية قلل من شأن هذه المشاريع الخيرية، وأن بالإمكان السعي في الأمرين معاً: سداد الدين وتقديم الصدقة.
- فريق مؤيد: دافع هذا الفريق بقوة عن طرح القرني، مؤكدين أنه لم يأتِ بجديد، بل أعاد تذكير الناس بأصل فقهي ثابت. وشددوا على أن سداد الديون هو "واجب" شرعي يتعلق بحقوق العباد، بينما الصدقة الجارية هي عمل "مستحب"، والواجبات مقدمة دائماً على المستحبات في الفقه الإسلامي. ورأوا في حديثه تصحيحاً لمفهوم شائع وخاطئ لدى العامة.
الخلفية الدينية وأهمية القضية
تستند وجهة نظر الشيخ القرني إلى نصوص دينية وأحاديث نبوية تؤكد على خطورة الدين وأهمية المسارعة في قضائه عن المتوفى. فالدين يعتبر من حقوق الناس التي لا تسقط إلا بالأداء أو المسامحة، وتأتي في مقدمة الالتزامات التي يجب تصفيتها من تركة الميت قبل توزيعها على الورثة. أما الصدقة الجارية، ورغم فضلها العظيم، إلا أنها تندرج ضمن أعمال البر التطوعية التي لا تلغي الالتزامات الواجبة. ولهذا السبب، لاقى كلامه تأييداً من قبل العديد من المتخصصين في الشريعة الذين رأوا فيه تذكيراً مهماً بأحد أساسيات فقه المواريث والالتزامات المالية للمتوفى.
توضيح لاحق من الشيخ القرني
في مواجهة الجدل المتصاعد، نشر الشيخ عائض القرني توضيحاً لاحقاً أكد فيه أنه لم يقصد أبداً منع الصدقة عن الموتى أو التقليل من شأنها. وبيّن أن مقصده كان ترتيب الأولويات فقط، حيث يجب البدء بالواجب وهو قضاء الدين، ثم الانتقال إلى المستحب وهو الصدقة الجارية. وأعاد التأكيد على أهمية وفضل الصدقات، لكن بعد تبرئة ذمة المتوفى من أي حقوق مالية للآخرين، في محاولة منه لإنهاء سوء الفهم الذي أحاط بتصريحاته الأولية.




