الذكاء الاصطناعي يجمع ريهانا ومحمد صلاح: تفاصيل الفيديو الذي أثار الجدل
شهدت المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا انتشارًا واسعًا لمقطع فيديو أثار ذهولًا وجدلًا كبيرين، يظهر النجمة العالمية ريهانا وهي تغني أغنية خاصة للاعب كرة القدم المصري الشهير محمد صلاح. لم يكن هذا اللقاء الفني حقيقيًا بالمعنى التقليدي، بل هو نتاج متقن لتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، مما دفع الكثيرين للتساؤل عن حدود الإبداع والواقع في العصر الرقمي.
الخلفية: ظهور الفيديو ومحتواه
ظهر الفيديو الذي يجمع بين أيقونة البوب العالمية وقائد منتخب مصر وليفربول في الأسابيع الأخيرة، ليصبح حديث الساعة على منصات مثل يوتيوب وتيك توك وإكس (تويتر سابقًا). يُعتقد أن وراء هذا العمل فنانون رقميون أو متخصصون في الذكاء الاصطناعي، استخدموا خوارزميات معقدة لإنشاء محتوى يبدو واقعيًا بشكل لافت.
تضمن المقطع المصطنع صوتًا يطابق صوت ريهانا بشكل مذهل، وهي تؤدي كلمات أغنية مخصصة تمدح إنجازات صلاح ومهاراته الكروية، مصحوبًا بصور أو مقاطع فيديو معدلة رقميًا تجمع بين النجمين. وصلت درجة الإتقان في الفيديو إلى حد جعل العديد من المستخدمين يعتقدون في البداية أنه حقيقي، أو على الأقل تساءلوا عن طبيعته ومصدره، مما يعكس التقدم الهائل في تقنيات التزييف العميق (Deepfake) وتوليد الصوت بالذكاء الاصطناعي.
لم يتم الكشف عن مصدر رسمي للفيديو أو هويته المحددة، مما أضاف طبقة من الغموض إلى القصة وساهم في انتشاره الفيروسي، حيث تناقله الملايين حول العالم، مازجين بين الفضول التكنولوجي والشغف بالمشاهير.
انتشار واسع وردود فعل متباينة
سرعان ما تحول الفيديو إلى ظاهرة عالمية، حيث تجاوزت مشاهداته الملايين وتصدر قوائم التريند في عدة دول. تراوحت ردود الأفعال بين الدهشة والإعجاب بقدرات الذكاء الاصطناعي على محاكاة الواقع، وبين القلق من التداعيات الأخلاقية والقانونية لمثل هذه التقنيات.
- إعجاب بالتقنية: كثيرون أبدوا إعجابهم بالمستوى المتقدم للذكاء الاصطناعي الذي يمكنه إنتاج محتوى بهذا القدر من الواقعية والتفصيل، واعتبروه لمحة عن مستقبل الترفيه والإبداع الفني.
- جدل حول الأخلاق: في المقابل، أعرب آخرون عن مخاوفهم بشأن استخدام صور وأصوات المشاهير دون موافقتهم، وما يترتب على ذلك من قضايا تتعلق بالخصوصية وحقوق الملكية الفكرية والتشهير المحتمل. كما أثار الفيديو نقاشًا حول قدرة الجمهور على التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف في عصر الذكاء الاصطناعي.
- استمتاع بالمحتوى الترفيهي: جزء كبير من الجمهور استمتع بالمحتوى من باب الترفيه الخالص، وتفاعلوا معه بمزاح وتعليقات طريفة، معتبرين إياه تجربة فريدة تجمع بين عالمين مختلفين هما الموسيقى وكرة القدم.
لم يصدر أي تعليق رسمي من قبل ممثلي ريهانا أو محمد صلاح بخصوص هذا الفيديو، وهو ما ترك المجال مفتوحًا للتكهنات والمزيد من النقاش حول كيفية تعامل المشاهير والجهات المعنية مع المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي.
الأبعاد الفنية والتقنية
يُعد الفيديو مثالًا صارخًا على كيفية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة لخلق واقع افتراضي مقنع. تعتمد هذه التقنيات عادةً على شبكات عصبونية عميقة، مثل الشبكات التوليدية التنافسية (GANs) أو نماذج الانتشار (Diffusion Models) لتوليد الصور ومقاطع الفيديو، بينما تُستخدم تقنيات استنساخ الصوت المتقدمة لتحليل أنماط صوت الشخص المستهدف وإعادة إنتاج كلمات جديدة بهذا الصوت.
تثير هذه القدرات تساؤلات حول تعريف الفن والإبداع. هل العمل الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي، حتى لو كان محاكاة، يمكن اعتباره فنًا؟ وهل يمثل هذا تطورًا في الفنون الرقمية أم مجرد أداة للتقليد؟ يرى البعض أنه يفتح آفاقًا جديدة للمبدعين لتجربة أفكار غير تقليدية، بينما يرى آخرون أنه يهدد أصالة العمل الفني وحقوق الفنانين.
لماذا يهم هذا الحدث؟ التأثيرات المستقبلية
يتجاوز تأثير فيديو ريهانا ومحمد صلاح مجرد كونه مقطعًا ترفيهيًا عابرًا. إنه يسلط الضوء على تحديات وفرص رئيسية يفرضها الذكاء الاصطناعي على المجتمع بأسره، وعلى صناعة الترفيه والإعلام بشكل خاص:
- التحديات القانونية وحقوق الملكية الفكرية: تُبرز هذه الحادثة الحاجة الملحة إلى قوانين وتشريعات واضحة تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى، خصوصًا فيما يتعلق بحقوق الشهرة وحقوق الملكية الفكرية للفنانين. من يملك الحق في استخدام صوت أو صورة شخصية عامة؟ ومن المسؤول عن أي استخدام غير لائق؟
- المخاوف الأخلاقية وتضليل المعلومات: القدرة على إنشاء محتوى مزيف بهذا القدر من الواقعية تفتح الباب أمام مخاطر تضليل المعلومات (deepfakes) ونشر الأخبار الكاذبة، مما قد يؤثر على سمعة الأفراد أو حتى على استقرار المجتمعات. يتطلب هذا وعيًا إعلاميًا أكبر من الجمهور وقدرة على التحقق من المحتوى.
- فرص جديدة للإبداع والترفيه: على الجانب الإيجابي، يقدم الذكاء الاصطناعي أدوات قوية للمبدعين لتجاوز الحدود التقليدية. يمكن استخدامه لإنتاج تجارب ترفيهية غامرة، أو لإحياء أعمال فنية تاريخية، أو حتى لمساعدة الفنانين في استكشاف أساليب جديدة.
- تغيير في علاقة الجمهور بالمحتوى: سيصبح التمييز بين الواقع والخيال أكثر صعوبة، مما يستلزم أدوات جديدة للتحقق وتقييم المصداقية، ويغير الطريقة التي يستهلك بها الجمهور الأخبار والترفيه.
في الختام، يمثل الفيديو الذي جمع بين ريهانا ومحمد صلاح عبر الذكاء الاصطناعي أكثر من مجرد ظاهرة عابرة على الإنترنت. إنه إشارة قوية إلى حقبة جديدة تتقاطع فيها التكنولوجيا مع الثقافة الشعبية والفن، وتضع أمامنا أسئلة عميقة حول المستقبل الذي نرغب في بنائه مع هذه التقنيات المذهلة.




