الشيخ عبد العزيز آل الشيخ: مسيرة مفتي عام السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء
يشغل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ منصب المفتي العام للمملكة العربية السعودية، وهو أعلى منصب ديني في البلاد. وإلى جانب ذلك، يتولى رئاسة هيئة كبار العلماء ورئاسة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. وتُعد هذه المناصب محورية في الحياة الدينية والاجتماعية والسياسية في المملكة، حيث يتم تعيين شاغلها بأمر ملكي مباشر، مما يعكس الأهمية الكبيرة التي توليها الدولة للمؤسسة الدينية الرسمية.

النشأة والمسيرة العلمية
وُلد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في مدينة الرياض عام 1362 هـ (1943 م)، وينحدر من سلالة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب. واجه في شبابه تحديًا كبيرًا بفقده لبصره، إلا أن ذلك لم يمنعه من التفرغ لطلب العلم الشرعي، حيث حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة. التحق بكلية الشريعة في الرياض وتخرج فيها، ثم واصل مسيرته الأكاديمية والعملية في مجال التدريس والإرشاد الديني، وشغل مناصب عدة في السلك الأكاديمي والقضائي قبل أن يصبح عضوًا في هيئة كبار العلماء.
التعيين في منصب المفتي العام
صدر الأمر الملكي بتعيين الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتيًا عامًا للمملكة في عام 1420 هـ (1999 م)، خلفًا لسماحة الشيخ الراحل عبد العزيز بن باز. جاء هذا التعيين في عهد الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، ليتولى بذلك قيادة المؤسسة الدينية في مرحلة مهمة من تاريخ المملكة. ومنذ ذلك الحين، أصبح سماحته المرجع الديني الأول في القضايا العامة والخاصة، حيث يتولى إصدار الفتاوى الرسمية التي توجه المجتمع وتوضح الأحكام الشرعية في مختلف النوازل والمستجدات.
هيئة كبار العلماء وإعادة تكوينها
تُعتبر هيئة كبار العلماء، التي يرأسها المفتي العام، أعلى هيئة دينية في السعودية، وتأسست عام 1971. تتألف الهيئة من نخبة من كبار العلماء المتخصصين في الشريعة الإسلامية، وتتمثل مهمتها الرئيسية في تقديم المشورة للملك في الأمور الدينية، وإصدار الفتاوى الجماعية في القضايا الكبرى التي تهم الدولة والأمة. وفي تطور لافت، صدر أمر ملكي في أكتوبر 2020 من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بإعادة تكوين هيئة كبار العلماء. ورغم أن الأمر الملكي أبقى على الشيخ عبد العزيز آل الشيخ رئيسًا للهيئة، فقد شهد التشكيل الجديد انضمام أعضاء جدد، مما يعكس حرص القيادة على ضخ دماء جديدة وتحديث الهيئة لمواكبة التغيرات المعاصرة مع الحفاظ على ثوابتها الأساسية.
أهمية المنصب وتأثيره
يحظى منصب المفتي العام ورئاسة هيئة كبار العلماء بأهمية استثنائية في السعودية. فالفتاوى والقرارات الصادرة عن هذه المؤسسة لا تؤثر فقط على الجوانب الدينية والاجتماعية للمواطنين والمقيمين، بل تمتد لتشمل جوانب تشريعية وسياسية، حيث تُعتبر مرجعًا أساسيًا في سن الأنظمة والقوانين المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. ويمثل شاغل هذا المنصب رمزًا للقيادة الدينية التي تعمل جنبًا إلى جنب مع القيادة السياسية للحفاظ على هوية الدولة واستقرار المجتمع.





