الصليب الأحمر يدين استغلال رفات رهينة في فيديو وصفه بـ "المدبر"
أدانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) في أواخر شهر نوفمبر من عام 2023 بشدة مقطع فيديو نشرته كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، يظهر ما وصفته اللجنة بأنه عملية "مدبرة" لاستخراج رفات رهينة إسرائيلي في قطاع غزة. وأثار الفيديو ردود فعل واسعة، مسلطاً الضوء على الحرب النفسية المصاحبة للنزاع وعلى المعاناة التي تتعرض لها عائلات الرهائن.

تفاصيل الفيديو ومحتواه
أظهر مقطع الفيديو الذي بثته كتائب القسام مسلحين يقومون أولاً بدفن جثة ثم استخراجها من قبر غير محدد الملامح. وادعت الحركة أن الجثة تعود للرهينة الإسرائيلي تال حايمي، الذي كان محتجزاً في غزة منذ هجمات السابع من أكتوبر. ووفقاً للرواية التي قدمتها حماس في الفيديو، فإن حايمي قُتل مع رهينة آخر في قصف جوي إسرائيلي استهدف موقع احتجازهما، في محاولة لتحميل إسرائيل مسؤولية مقتله.
استخدم الفيديو أسلوباً إخراجياً يهدف إلى توثيق العملية، حيث ظهر المسلحون وهم يتعاملون مع الرفات بعناية مزعومة قبل عرض بطاقة هوية قيل إنها تعود للرهينة. وكان الهدف من نشر الفيديو هو إيصال رسالة محددة حول مصير بعض الرهائن والضغط نفسياً على عائلاتهم وعلى الرأي العام الإسرائيلي.
موقف اللجنة الدولية للصليب الأحمر
عقب انتشار الفيديو، أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بياناً قوياً وصفت فيه المشاهد بأنها "لا تطاق". وأكدت اللجنة أن التعامل مع رفات الموتى بهذه الطريقة، التي تبدو وكأنها عملية مسرحية، يمثل "قسوة لا تحتمل" ويسبب ألماً هائلاً لأحبائهم. وشددت على أن مثل هذه الممارسات تنتهك المبادئ الأساسية للكرامة الإنسانية.
وذكّرت اللجنة أطراف النزاع بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، الذي ينص بوضوح على وجوب التعامل مع الموتى باحترام وكرامة. وأشارت إلى أن استخدام رفات شخص متوفى لأغراض الدعاية أو الضغط النفسي يعد أمراً غير مقبول ويتنافى مع أبسط المعايير الأخلاقية والإنسانية.
خلفية وسياق الحدث
كان تال حايمي، البالغ من العمر 41 عاماً، عضواً في كيبوتس نير يتسحاق واختُطف خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023. قبل نشر الفيديو بأسابيع، كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن رسمياً عن مقتله وأبلغ عائلته بذلك بناءً على معلومات استخباراتية مؤكدة، مما يعني أن العائلة كانت على علم بوفاته قبل بث الفيديو. هذا السياق يجعل من الفيديو الذي بثته حماس محاولة للتلاعب بالحقائق واستغلال مأساة العائلة لأغراض دعائية، حيث قدمت الحركة رواية مختلفة لسبب وفاته.
الأهمية والتداعيات
تكمن أهمية هذا الحادث في كونه مثالاً صارخاً على استخدام الحرب النفسية والمعلومات المضللة كأدوات في النزاع. ويسلط الضوء على المعاناة المزدوجة التي تواجهها عائلات الرهائن، التي لا تتعامل فقط مع غياب أحبائها ولكن أيضاً مع القلق المستمر والتلاعب بمشاعرها من خلال معلومات غير مؤكدة ومؤلمة.
كما يعزز موقف اللجنة الدولية للصليب الأحمر دور المنظمات الإنسانية المحايدة في مراقبة انتهاكات القانون الدولي وإدانتها، بغض النظر عن الطرف الذي يرتكبها. ويؤكد الحادث على ضرورة حماية كرامة الموتى ورفاتهم كجزء لا يتجزأ من القانون الإنساني حتى في خضم أعنف النزاعات.



